وقد يشكل على القول بشذوذ رواية الوليد ما نقله الحافظ مغلطاي في (شرح ابن ماجه ٢/ ٧٦)، وابن حجر في (النكت الظراف/ مع التحفة ٥/ ٥٨)، و (الفتح ١/ ٣١٣): عن الطبري أنه رواه في (تهذيب الآثار) من طريق الليث عن عقيل عن ابن شهاب به بلفظ الأمر: ((تَمَضْمَضُوا مِنَ اللَّبَنِ)).
وقال الطبري بعد ذكره: "هذا خبر عندنا صحيح، وإن كان عند غيرنا فيه نظر؛ لاضطراب ناقليه في سنده؛ فمِن قائل: عن الزهري عن ابن عباس، من غير إدخال (عبيد الله) بينهما، ومِن قائل: عن الزهري عن عبيد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ شَرِبَ لَبَنًا))، من غير ذكر ابن عباس بعد، فليس في مضمضته - عليه السلام - من اللبن وجوب ولا وضوء على شارب من شربه؛ إذ كانت أفعاله غير لازمة لأمته العمل بها، إذا لم يكن بيانًا عن جملة فرض في تنزيله" (شرح ابن ماجه لمغلطاي ٢/ ٧٦).
قال مغلطاي: "وفيه نظر من حيث ذكره لفظ الأمر لا الفعل، والله أعلم، لكنه يشكل ما ذكره البيهقي عن ابن عباس راوي الأمر:((لولا التلمظ ما باليت ألا أمضمض)) " (شرح ابن ماجه ٢/ ٧٦).
قلنا: فلو كانت هذه الرواية ثابتة عن الليث، لكانت متابعة قوية لرواية الوليد. ولكنها لا تثبت بحال، وإنا كنا لا ندري حال الواسطة أو الوسائط ما بين الطبري والليث بن سعد؛ لأن المحفوظ عن الليث عن عقيل بلفظ الفعل وليس بلفظ الأمر، كذا رواه الأئمة الخمسة عن قتيبة بن سعيد - وقرنه البخاري بيحيى بن بكير - قالا: حدثنا الليث، عن عقيل، به بلفظ الخبر مثل رواية الجماعة عن الأوزاعي.