الإغفاء، وأنه صلى الله عليه وسلم نام مضطجعًا. وقد تقدم تخريج هذه الطرق جميعًا في الرواية الأولى.
وقد حاول بعض أهل العلم الجَمْع بين رواية الجماعة وبين رواية الضحاك:
فقال النووي:"قوله: (ثُمَّ احْتَبَى حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ نَفَسَهُ رَاقِدًا) معناه أنه احتبى أولًا، ثم اضطجع، كما سبق في الروايات الماضية، فاحتبى ثم اضطجع حتى سمع نفخه ونَفَسه، بفتح الفاء"(شرح مسلم ٦/ ٤٨).
وسبقه لذلك القاضي عياض، حيث قال في توجيه هذه الرواية:"يحتمل أن احتباءه قبل اضطجاعه، فخَبَّر مَرَّة عن حالة، ومَرَّة أخرى عن أخرى"(إكمال المعلم ٣/ ١٢٢).
قلنا: الذي يبدو لنا أنها من أوهام الضحاك بن عثمان، فهو وإن وثقه جماعة فقد تَكلم فيه جماعة آخرون، فلَيّنه يحيى القطان. وقال يعقوب بن شيبة:"صدوق في حديثه ضعف"، وقال أبو زرعة:"ليس بقوي"، وقال أبو حاتم:"يُكتب حديثه، ولا يُحتج به"، وقال ابن عبد البر:"كان كثير الخطأ، ليس بحجة"(تهذيب التهذيب ٤/ ٤٤٧). وقال الحافظ ملخصًا حاله:"صدوق يهم"(التقريب ٢٩٧٢).
فلو كان ثقة ثبتًا لم يَقوَ على مخالفة مالك، فكيف وحاله كما عَرَفْتَ، وقد تابع مالكًا غيرُ واحد من الثقات أيضًا؟ !
وأشار لذلك الحافظ ابن رجب فقال: "رواه الضحاك بن عثمان، عن مخرمة، عن كريب، عن ابن عباس، وقال في حديثه:((أنَّهُ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ احْتَبَى حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ نَفَسَهُ رَاقِدًا، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)). خرجه مسلم.