للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[الفوائد]:

قال ابنُ حِبَّانَ: ((هذا خبرٌ مختصرٌ من حديثٍ طويلٍ، اختصرَهُ شعيبُ بنُ أبي حمزةَ، متوهمًا لنسخ إيجاب الوضوء مما مسَّتِ النَّارُ مطلقًا. وإنما هو نَسْخٌ لإيجابِ الوضوءِ مما مسَّتِ النَّارُ خلا لحم الجزور فقط)) (صحيح ابن حِبَّانَ ٣/ ٤١٦).

وهذا الذي ذهبَ إليه ابنُ حِبَّانَ ذهبَ إليه أيضًا أبو داودَ وغيرُهُ.

ويعني بالحديثِ الطويلِ: حديث جابر في قصةِ المرأةِ التي ذبحتْ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم شَاةً، وفيه أنَّهُ أَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَكَلَ مِنَ الشَّاةِ وصَلَّى العَصْرَ بغيرِ وُضُوءٍ. وقد سبقَ ذِكرُه قريبًا برواياتِهِ.

وما خَشِي منه ابنُ حِبَّانَ -وهو دخولُ لحمِ الجزورِ ضِمْنَ مفردات حديث جابر هذا- ليس بواردٍ أصلًا؛ لأن العلةَ في الأمرِ بالوضوءِ من لحمِ الجزورِ إنما هي كونه لحم جزور، وليستِ العلةُ كونه مما مسَّته النَّارُ؛ فالأمرُ بالوُضُوءِ منه يشملُ ما لو أُكِل نِيئًا أو مشويًّا أو غير ذلك.

ثم إن حديثَ جابرٍ في تركِ الوضوءِ مما مسَّتِ النَّارُ عامٌّ، وحديثُ الوضوءِ من لحمِ الجزورِ خاصٌّ، فيَخرج هذا الخاص من عموم حديث جابر.

انظر (مجموع الفتاوى ٢١/ ٢٦١)، وسيأتي مزيدُ بيانٍ بشأنِ مسألةِ الاختصارِ في التحقيقِ.

مع العلم بأن القولَ بأن حديثَ جابرٍ هذا ناسخٌ لأحاديثِ الوضوءِ مما مسَّتِ النارِ- قولٌ منازعٌ فيه، من جهةِ أنه قد يمكنُ الجمعُ بأن ترك الوضوء يُحمل على أنه قرينة لصرفِ الأمرِ من الوجوبِ إلى الاستحبابِ.

وقد قال شيخُ الإسلامِ: "هذا مع أن أحاديثَ الوضوءِ مما مسَّتِ النارُ لم