فأبدلَ في روايته:"جابرًا" بـ "عمران بن مسلم"، وجابرٌ هو الجُعْفيُّ، رافضيٌّ كذابٌ، كما سَبَقَ مِرارًا، انظر (الكامل ٣/ ٢٣)، ومحمد بن عُبيد هو الكِنْديُّ، ثقةٌ صدوقٌ، فلو كان قولُه محفوظًا ففي الحديثِ علةٌ ثالثةٌ. ولكن رواية الجماعة عن أسيد عن ابن شمر عن عمران أَوْلى، وربما كان ذلك اضطرابًا من أسيد كما أشرنا إليه في الوجه الأول. والله أعلم.
والحديث عدَّه ابنُ عَدِيٍّ من مناكيرِ ابنِ شمر كما سَبَقَ، ولذا قال ابنُ طَاهرٍ:"رواه عمرو بن شمر ... وعمرو متروكُ الحديثِ"(الذخيرة ٦٢٨٩).
وظاهر صنيع الدارقطنيِّ في (الغرائب والأفراد) أنه يحمل فيه على أسيد.
ولما عزاه له السيوطيُّ في (الجامع الكبير ٢٥٩١٢)، أشارَ إلى تضعيفه بقوله:"وضُعِّفَ".
وأنكره الألبانيُّ، فقال:"وبالجملةِ، فالإسنادُ ضعيفٌ جدًّا، والمتنُ منكرٌ؛ لمخالفته أحاديث صحيحة في الوضوءِ مما مسَّته النارُ من فعلِهِ صلى الله عليه وسلم وقولِهِ. وقد استقصى طرقها أبو جعفرٍ الطحاويُّ مع الأحاديثِ الأُخرَى المصرحة بأنه صلى الله عليه وسلم أَكَلَ ما مسَّته النارُ من الخبزِ واللحمِ، ولم يَتَوضَّأْ"(الضعيفة ١٣/ ٩٤٤).
[تنبيه]:
قال ابنُ الجوزيِّ:"رَوَوا: ((لَا وُضُوءَ مِنْ طَعَامٍ أَحَلَّهُ اللهُ)) ". ثم قال:"وهذا لا يُعْرَفُ"(التحقيق في مسائل الخلاف ١/ ٢٠١).