للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلنا: هكذا رواه ابنُ مغراء عن الأعمشِ، وسلك فيه الجادة؛ حيث إن حبيبًا معروفٌ بالروايةِ عن عُرْوةَ المزني -كما هو ظاهر كلام الثوري-، ولا يكادُ يعرفُ بالروايةِ عن عُرْوةَ بنِ الزُّبيرِ، فإنه لم يسمعْ منه كما قال الأئمةُ الحفاظُ.

وروايتُه هذه لا شيء؛ فمن يكون ابن مغراء حتى يعل بروايتِهِ رواية الأثبات من أصحاب الأعمش؟ لاسيما وفيهم وكيع وغيرُهُ ممن ذكرنا.

كما أن ابنَ مغراء هذا متكلمٌ فيه عامة، وفي الأعمش خاصة، فقال علي بن المديني: "عبد الرحمن بن مغراء أبو زهير ليسَ بشيءٍ، كان يروي عن الأَعمَشِ ستمائة حديث، تركناه لم يكن بذاك))، أسندَه عنه ابنُ عَدِيٍّ، ثم قال: "وهذا الذي قاله علي بن المديني هو كما قال، إنما أنكرتُ علي أبي زهير هذا أحاديثَ يرويها عن الأعمشِ لا يتابعونه الثقات عليها، وله عن غير الأعمش غرائب، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتبُ حديثُهم)) (الكامل ٧/ ١٥٣).

ولذا رَدَّ مغلطايُ وغيرُهُ هذه العلةَ، ومما قاله في ذلك: "وأيضًا، فلا أحدَ منَ الغرباءِ يتجاسر على أُمِّ المؤمنين بقوله: ((مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ؟ ))، ويحكي ضحكها غالبًا إلا من كان ذا محرم منها، ويزيده وضوحًا رواية هشام له عن أبيه كرواية حبيب" (شرح ابن ماجه ٢/ ٨٣)، وستأتي رواية هشام قريبًا.

ثم إن قولَ الثوريِّ: "ما حدثنا حبيب إلا عن عُرْوةَ المزني"، لا ينفي أن يكون حدَّثَ غيره عنه كما هنا، ولذا لم يرتضِ أبو داود كلام الثوري هذا فقال عقبه: "وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عُرْوةَ بنِ الزُّبيرِ عن عائشة حديثًا صحيحًا".