للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمراد من هذا التعقب ثبوت رواية حبيب عن عُرْوةَ بنِ الزُّبيرِ مطلقًا خِلافًا لما زعمه الثوريُّ، وهذا بغض النظر عن ثبوتِ السماعِ من عدمه.

وقد فهم مغلطايُ أن أبا دواد يُثبتُ بهذا الكلامِ سماعَ حَبيبٍ من عروةَ، وفهم غيرُهُ خلافه، وكلُّ هذا خلافٌ لا طائلَ ورائه بعد أن نقلَ أبو حَاتمٍ إجماعَ أهلِ الحديثِ على أن حَبيبًا لم يسمعْ من عروةَ (المراسيل ٧٠٣)، وانظر (شرح ابن ماجه ٢/ ٨٣).

وقال الزيلعيُّ -متعقبًا البيهقيَّ-: "بل هو عروة بن الزبير، كما أخرجه ابنُ ماجه بسندٍ صحيحٍ، وأما سندُ أبي داود الذي قال فيه: (عن عُرْوةَ المزني) فإنه من رواية عبد الرحمن بن مغراء عن ناسٍ مجاهيل، وعبد الرحمن بن مغراء متكلَّمٌ فيه ... " (نصب الراية ١/ ٧٢).

قلنا: وقد أعلَّ الإمامُ أحمدُ هذا الطريقَ بشيءٍ آخر:

فقال أبو الحسن الميمونيُّ: قال أبو عبد الله: ((هذا الحديثُ مقلوبٌ على حديثِ عائشةَ: (قَبَّلَ وهو صَائِمٌ)، وهو هذا الحديثُ بعينه، يرويه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة))، قلت: فمن أين؟ أليس حبيب صالح الحديث؟ ! قال: ((بلى، ولكن لا أعلم أحدًا روى عن حَبيبٍ عن عُرْوةَ شيئًا إلا هذا الحديث، وحديث آخر يرويه الأعمش)) (شرح ابن ماجه ٢/ ٨١).

ففي هذا الكلام إعلال أحمد لمتن الحديث، وأنه مقلوبٌ من الحديثِ الآخرِ الذي يرويه: هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ إِحْدَى نِسَائِهِ، وَهُوَ صَائِمٌ))، ثُمَّ تَضْحَكُ، ليس فيه الوضوء، وهو مخرجٌ في الصحيحين وغيرهما، وهو متواترٌ عن عائشةَ من غيرِ طريقِ عروةَ أيضًا.