الوضوءِ باللمسِ-: ((وفي استدلاله بحديثِ معاذٍ نظر؛ لأنَّ آخرَه تبين أن المقصودَ بالوضوءِ الصلاة، لأجل التَّكْفِيرِ، لا لأجلِ اللمسِ ... ، وهو منقطعٌ فيما بين عبد الرحمن بن أبي ليلى ومعاذ)) (شرح سنن ابن ماجه ٢/ ٩٥).
وقال الزيلعيُّ:((وهذا الحديثُ مع ضَعْفِهِ وانقطاعه ليس فيه حجةٌ، لأنه إنما أمره بالوضوء للتبركِ وإزالةِ الخطيئةِ لا للحدثِ، ولذلك قال له: ((تَوَضَّأْ وُضُوءًا حَسَنًا)))) (نصب الراية ١/ ٧٠).
وقال ابنُ كَثيرٍ:((رواه أحمدُ. وقال بعضُ الحفاظِ: لم يسمعِ ابنُ أبي ليلى من معاذٍ، وقال بعضُ العلماءِ: إنما أمره بالوضوء ههنا، والصلاة للتوبة، لا أنه أحال الأمر بالوضوء على اللمس، ولهذا قرنه بالصلاة، والله أعلم)) (إرشاد الفقيه ١/ ٥٠).
وقال -في (التفسير ٢/ ٣١٦) -: ((قالوا: فأمره بالوضوء؛ لأنه لمسَ المرأةَ ولم يجامعها. وأجيبَ بأنه منقطعٌ بين أبي ليلى ومعاذٍ، فإنه لم يلقْه، ثم يحتمل أنه إنما أمره بالوضوء والصلاة للتوبة)).
وقال الشوكانيُّ:((ولا يَخْفَاكَ أنه لا دلالة بهذا الحديثِ على محمل النزاع، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالوضوءِ ليأتي بالصلاة التي ذكرها الله سبحانه في هذه الآية، إذ لا صلاةَ إلا بوضوء. وأيضا فالحديثُ منقطعٌ لأنه من روايةِ ابنِ أبي ليلى عن معاذٍ ولم يلقْه، وإذا عرفتَ هذا، فالأصلُ: البراءة عن هذا الحكم، فلا يثبتُ إلا بدليلٍ خالص عن الشوائب الموجبة لقصوره عن الحجة)) (فتح القدير ١/ ٥٤٣).
قلنا: وقد اختلف على عبد الملك بن عمير في وصله وإرساله وكذا في متنه؛ فرواه زائدة بن قدامة وجرير بن عبد الحميد، كلاهما عن عبد الملك بن عمير به كما تقدَّمَ متصلًا، وفي روايتهما الأمر بالوضوء.