للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأسماء إمّا أحداث، كالعلم والضّرب، ويلحق به اليوم والليلة، وإمّا أعيان، كزيد وعمرو، ويلحق به ظرف المكان، وإمّا مركّب منهما، نحو: قائم وحسن، ويلحق بالأعيان.

فالأعيان: لا يقع من الظّرفين خبرا عنها إلا ظرف المكان، ويحمل عليها المركّب، تقول: زيد أمامك، وعمرو خلفك، والقائم عندك، والكريم فى الدّار، ففى الكلام محذوف يتعلّق بالظّرف؛ تقديره: زيد استقّر خلفك، أو مستقرّ، فحذف هذا المقدّر حذفا مطّردا، لا يظهر؛ تخفيفا، وللعلم به، وأقيم الظّرف مقامه، وجعل خبرا عن زيد.

وفى حكم الضمير المستكنّ فى المحذوف خلاف (١): فمنهم من ينقله إلى الظّرف ويجعل الحكم له، ومنهم من

يجعله باقيا بحاله، والحكم له.

وظهور هذا المحذوف شريعة منسوخة؛ فلا تقول: زيد استقرّ، أو مستقرّ خلفك، فأمّا قوله تعالى: فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا/ عِنْدَهُ (٢) فإنّ" مستقرّا ليس عاملا فى الظّرف، وإنّما هو حال من الهاء فى رآه و" عنده" ظرف للرّؤية وأمّا قولهم:" الليلة الهلال" و:" اليوم خمر (٣) وغدا أمر" و:" الجباب (٤) شهران" فعلى تقدير مضاف محذوف، كأنّه قيل: الليّلة طلوع الهلال، أو حدوث الهلال


(١) - انظره فى الهمع ٢/ ٢٢.
(٢) - ٤٠ / النمل.
(٣) - هذا من كلام امرئ القيس بن حجر الكندىّ، وذلك أنه كان يشرب الخمر حينما بلغه مقتل أبيه، فقال: اليوم خمر ... انظر أمثال أبى عبيد القاسم ابن سلّام ٣٣٣، وفى هامش الصفحة فضل تخريج.
(٤) - الجباب: تلقيح النّحل، يقال: جاء زمن الجباب، وقد جبّ الناس النّخل.