للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكقولهم:" مررت به الفاسق الخبيث"، وكقوله (١):

سقونى الخمر ثم تكنّفونى ... عداة الله من كذب وزور

وأمّا الترّحّم: فكقوله:" مررت به المسكين البائس"، وعليه قول الشاعر (٢):

لنا يوم وللكروان يوم ... تطير البائسات ولا نطير

ولا يقع هذا النّصب إلّا معرفة، وقد جاء فى الشّعر نكرة، قال (٣):

ويأوى إلى نسوة عطّل ... وشعثا مراضيع مثل السّعالى

وليس كلّ موضع يجوز فيه التعظيم، ولا كلّ صفة يحسن أن يعظّم بها، فلا يعظّم إلا العظيم النّبيه عند النّاس، المعروف لديهم بالصّفة الّتى تكون فى


(١) - هو عروة الصعاليك. انظر: ديوانه ١١.
من شواهد سيبويه ٢/ ٧٠. وانظر أيضا: التبصرة ١٨٢ ومجالس ثعلب ٤١٧ واللسان (نسأ) تكنفونى: أحاطوبى.
(٢) - هو طرفة بن العبد. انظر: ديوانه ١٠٢.
انظر: الخزانة ٢/ ٤١٥، وشرح أبيات المغنى ٦/ ٣٥٣ الكروان: جمع كروان، على غير قياس كما قيل فى جمع ورشان: ورشان، وقد يكون" كروان" جمع" كرا"، مثل: فتى وفتيان، وخرب وخربان، وانظر: اللسان (كرا).
(٣) - هو أميّة بن عائد الهذلىّ. انظر: ديوان الهذليين ٢/ ٧٠٥، وروايته هكذا:
له نسوة عاطلات الصدو ... رعوج مراضيع مثل السعالى
وانظر أيضا: معانى القرآن للفرّاء ١/ ١٠٨ وابن يعيش ٢/ ١٨ والخزانة ٢/ ٤٢٦ و ٥/ ٤٠.
فاعل يأوى: تقديره هو، يعود إلى الصيّاد المذكور فى بيت سابق على الشاهد. عطّل: جمع عاطل، وهى المرأة إذا خلا جيدها من القلائد، والمصدر: العطل، بالتحريك، ويستعمل العطل فى الحلوّ من الشئ مطلقا - وإن كان أصله فى الحلىّ - وهو المراد هنا؛ لأنّ المعنى: أنّ هذا الصياد يغيب عن نسائه للصيد، ثم يأتى اليهنّ وهنّ فى أسوأ حال والشّعث جمع شعثاء، من: شعث الشعر شعثا - من باب تعب أي: تغيّر وتلبّد. والمراضيع: جمع مرضاع، بكسر الميم، وهى التى ترضع كثيرا. والسّعالى: جمع سعلاة، وهى أنثى الغيلان.