للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسم على فعل؛ فإنّك لو رفعت كنت قد عطفت جملة من مبتدأ وخبر هى: عمرو أكرمته، على جملة من فعل وفاعل، هى: رأيت زيدا، ومع النّصب تكون قد عطفت جملة من فعل وفاعل ومفعول هى: أكرمت زيدا أكرمته، على جملة من فعل وفاعل هى: رأيت زيدا؛ فهو أحسن للتّشاكل، ومنه قوله تعالى: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١)، وقوله: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٢) بعد قوله: وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٣)، وقوله: فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ (٤)؛ وإنّما جاز الرّفع - وإن تخالفت الجملتان - لأن كلّا منهما قد وقع خبرا عن المبتدأ، فحصل التّشاكل من هذا الوجه.

فإن كان المعطوف عليه جملة اسميّة، والمعطوف كذلك فالاختيار الرّفع؛ طلبا للمشاكلة، تقول: زيد ضربته وعمر وكلّمته، فإن حملت الجملة المعطوفة على الجملة الصّغيرة من الجملة الأولى، فالاختيار النّصب عند سيبويه؛ (٥) للقرب/ من الجملة الفعليّة الّتى هى ضربته" ومنه قوله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ (٦)، فالرّفع (٧)، على قوله: وَالشَّمْسُ تَجْرِي (٨)، والنّصب (٩)،


(١) - ٣١ / الإنسان. قال الفرّاء فى معانى القرآن ٣/ ٢٢٠:" نصبت" الظالمين" الأولى؛ لأن الواو فى أوّلها تصير كالظرف ل" أعدّ"، وانظر: التبصرة ٣٣٥ والبحر المحيط ٨/ ٤٠٢.
(٢) - ٣٠ / النازعات.
(٣) - ٢٩ / النازعات.
(٤) - ٣٠ / الأعراف.
(٥) - انظر: الكتاب ١/ ٩١ - ٩٢.
(٦) - ٣٩ / يّس.
(٧) - وبه قرأ نافع وابن كثير وأبو عمر. انظر: الكشف ٢/ ٢١٦ والإقناع ٧٤٢، وقال مكىّ فى مشكل إعراب القران ٢/ ٢٢٦ - ٢٢٧ " وارتفع" القمر" على الابتداء، و" قدّرناه" الخبر، ويجوز رفعه على إضمار مبتدأ، و" قدّرناه" فى موضع الحال من" القمر".
(٨) - ٣٨ / يس.
(٩) - وبه قرأ الكوفيون وابن عامر. انظر: الإقناع والكشف، فى الموضع السابق.