للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغير المتعدّى: يتعدّى إلى جميع ظروف الزّمان: مبهمها، ومؤقتّها، وإلى المبهم من ظروف المكان، تقول فى الزّمانىّ. صمت اليوم، ويوما، وغبت حينا وزمانا طويلا، وزمن إمرة فلان، وتقول فى المكانىّ: جلست خلفك، وعندك ومكانا واسعا، ومكان زيد، وسرت فرسخا، وميلا، والفرسخ، والميل، وإنّما كان ذلك؛ لأنّ ظروف الزمان لمّا شاكلت المصادر: فى دلالة صيغة الفعل على خصوص الزّمان دلالتها على المصدر جرت مجراها فى تعدّى نوعى الفعل إليها وحمل عليها المبهم من ظروف المكان؛ لنوع مشابهة بينهما، من جهة التّنقّل والزّوال، والإبهام؛

فإنّ الجهة التى هى خلف" تصير" أماما"، وتزول عن حالها وهى غير محدودة، ولا محصورة؛ فشابهت ظروف الزّمان؛ فأعطيت حكمها.

وأمّا المؤقّت/ من ظروف المكان، فلمّا عدم هذه المشاكلة - وهى دلالة صيغة الفعل على خصوصه - تنزّل منزلة المفعول به فى تعدّى الفعل إليه، فلا تقول: قعدت المسجد، ولا جلست الكوفة، حتّى تجئ بما يعدّى الفعل إليها فتقول: قعدت في المسجد وجلست فى الكوفة، فأمّا: دخلت البيت، وذهبت الشّام، فهو عند سيبويه (١)، على حذف حرف الجرّ، تقديره: دخلت إلى البيت، وذهبت إلى الشّام، والمبرّد (٢) يقول: إنّه متعدّ بنفسه.


(١) - انظر: الكتاب ١/ ٣٥.
(٢) - انظر: المقتضب ٤/ ٣٣٧ - ٣٣٨، ٦٠ - ٦١.