للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا النّصب على أصل الاستثناء فتقول: ما بالدّار أحد إلّا وتدا، وإلّا زيدا، وما رأيت أحدا إلّا وتدا، وإلّا زيدا، وما مررت بأحد إلّا وتدا، وإلّا زيدا؛ وذلك لأنّ الكلام قد تمّ، فتوصل الفعل ب" إلّا"، وتخرجه مخرج الفضلات، فيصير النّفي - في هذا - بمنزلة الإيجاب، وقد قرئ قوله تعالى: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ (١) بالرّفع (٢)، على البدل من" أحد" وبالنّصب (٣)، على أصل الاستثناء، ومن هذا الباب قوله تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ (٤)؛ فإن جعلت" من رحم" مفعولا، كان منقطعا، أي: لكن من رحم معصوم (٥)، وإن جعلته فاعلا، كان متّصلا، كأنّه قال: لا عاصم إلا الرّاحم (٥)، يعنى: الله تعالى، وكذلك قوله تعالى:

فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ (٦)، فالنّصب مع المنقطع، والرّفع (٧)، على البدل، عند الزّجّاج (٨)، وعلى الوصف، عند يونس (٩)، ومثله قولهم: لا تكوننّ من فلان في شئ إلّا سلاما بسلام (١٠) فالنّصب مع المنقطع، أى: لا تخالطه إلا متاركة، والرّفع، على أنّه خبر


(١) ٨١ / هود.
(٢) وبه قرأ أبو عمرو وابن كثير.
(٣) وبه قرأ الباقون. انظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع ١/ ٥٣٦ ومشكل إعراب القرآن ١/ ٤١٢ - ٤١٣ والنشر ٢/ ٢٧٩ والإتحاف ٢٥٩.
(٤) ٤٣ / هود.
(٥) انظر: الأصول ١/ ٢٩١ وإعراب القرآن لأبى جعفر النحاس ٢/ ٩٣ ومشكل إعراب القرآن ١/ ٤٠٥.
(٦) ٩٨ / يونس.
(٧) جائز جوازا نحويا. وانظر معاني القرآن للفرّاء ١/ ٤٧٩.
(٨) انظر: إعراب القرآن ومعانيه ٣/ ٣٥.
(٩) لم أقف على من نسب ذلك إلى يونس.
(١٠) انظر: الأصول ١/ ٢٩١.