للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالنّصب مع المنقطع، أى: لا تخالطه إلا متاركة، والرّفع، على أنّه خبر مبتدأ محذوف، تقديره/ إلّا شئ هو سلام بسلام، ومنه قولهم: ما زاد إلا ما نقص" و" ما نفع إلا ما ضرّ"، ف" ما" - مع الفعل - بمنزلة اسم، ولولا" ما" لم يقع الفعل بعد" إلّا فكأنّه قال: ما زاد الشئ ولكن النّقص أمره، وما نفع ولكن الضّرّ أمره، ومنه قول الشّاعر (١):

نجا سالم والنّفس منه بشدقه ... ولم ينج إلّا جفن سيف ومئزرا

تمّ الكلام عند قوله:" ولم ينج ثم قال:" إلا جفن سيف ومئزرا" أي": لكن جفن سيف ومئزرا".

فإن كان في المبدل منه مانع من الحمل على لفظه، حمل على الموضع، تقول: ما جاءني من أحد إلّا زيد، ولا رجل فيها إلّا زيد، فتحمل زيدا على موضع الفاعل والمبتدأ، دون الّلفظ؛ لأنّ" من" و" لا" لا يدخلان على المعارف فى هذا المقام، ويجوز النّصب في هذا، على أصل الاستثناء، فتقول: لا رجل فى الدّار إلا زيدا، وما جاءنى من أحد إلّا زيدا، ومنه قوله (٢):

مهامها وخروقا لا أنيس بها ... إلّا الضّوابح والأصداء والبوما


(١) هو حذيفة بن أنس الهذليّ. انظر: ديوان الهذليين ٥٥٨.
والبيت من شواهد ابن السرّاج في الأصول ١/ ٢٩١. وانظر أيضا: المقرّب ١/ ١٦٧ واللسان (جفن).
النفس بشدقه: أي: كادت تخرج؛ فبلغت شدقه، أي: إنما نجا بجفن سيف ومئزر، نصبه على نزع الخافض.
(٢) هو الأسود بن يعفر. انظر: المفضليّات ٤١٩
وانظر أيضا: الخزانة ٣/ ٣٨٢.
المهامه: جمع مهمه، وهو القفر. الخروق: جمع خرق، وهو الفلاة الواسعة تتخرّق فيها الرياح.
الضوابح: جمع ضابح، وهو الثعلب. الأصداء: جمع صدى، وهو: ذكر البوم.