للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجمع البصريّون على جواز تقديم" إلّا" على المستثنى منه، إذا كان العامل مقدّما عليها: قام إلا زيدا (١) القوم، وما قام إلا زيدا أحد، فإن قلت القوم إلا زيدا في الدّار، لم يجز.

وحكم المستثني - في هذا المقام - أن يكون منصوبا أبدا، أمّا الموجب فلأنّه كان قبل التقديم منصوبا، وأمّا غير الموجب؛ فلأنّ البدل لا يتقدّم على المبدل/ منه، كالصّفة والموصوف، فبقي على أصل الاستثناء، وعليه أنشد سيبويه (٢):

فما لى إلّا آل أحمد شيعة ... وما لى إلا مذهب الحقّ مذهب

وقد وقعت" إلّا" غير موقعها، كقوله تعالى: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا (٣) تقديره، إن نحن (٤) إلا نظنّ ظنّا، وتقول: ما ضربنا إلّا ضربا، ولا تقول:


(١) المصدر السابق ١/ ٥٦٨.
(٢) ليس البيت من شواهد سيبويه في المطبوع من الكتاب، وهو للكميت بن زيد.
انظر: الهاشميّات ١٧ والمقتضب ٤/ ٣٩٨ ومجالس ثعلب ٦٢ والمقاييس ٣/ ١٩١ والتبصرة ٣٧٧ والإنصاف ٣٧٥ وابن يعيش ٢/ ٧٩ والخزانة ٤/ ٣١٤.
(٣) ٣٢ / الجاثية.
(٤) وعلى هذا تكون إلّا في الآية مؤخّرة من تقديم، وهذا في التقدير، وما ذكره ابن الأثير هو تقدير المبرّد، قال أبو جعفر النحاس فى إعراب القرآن ٣/ ١٤٠ - ١٤١:" وهذا من مشكل الإعراب وغامضه؛ لأنه لا يقال: ما ضربت إلا ضربا، وما ظننت إلا ظنّا؛ لأنّه لا فائدة فيه أن يقع بعد حرف الإيجاب؛ لأنّ معنى المصدر كمعنى الفعل؛ فالجواب عن الآية عن محمدّ بن يزيد على وجهين، أحدهما: أن يكون في الكلام تقديم وتأخير، أي: إن نحن إلا نظنّ ظنا .. والجواب الآخر:
أن يكون التقدير: إن نظن إلا أنكم تظنون ظنّا".