للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلّا معرفة؛ لأنّ السّؤال عن وقت معيّن، ولا ينتظم أوّل الوقت وآخره، وإنّما يعرف الآخر يقرينة، تقول ما رأيت زيدا، فيقال لك: ما أوّل ذلك؟ فتقول:

مذ يوم الجمعة، أى: أوّل المدّة الّتي انقضت (١) فيها الرّؤية يوم الجمعة.

ولا يجوز أن ترفع إلّا زمانا، أو مقتضيا للزّمان، قال ابن السّرّاج:" مذ" إنّما صيغت؛ لتليها الأزمنة، فإذا وليها فعل فإنّما هو لدلالة الفعل على الزّمان، فإذا قلت:/ ما رأيته مذ قدم فلان، فالتأويل: مذ يوم قدم فلان (٢).

فإن لم يظهر ل" مذ" عمل، وعطفت على ما عملت فيه اسما، حملته على النّصب، دون حكم الإعراب المقدّر بعد" مذ"، تقول: ما رأيته مذ قام ويوم الجمعة، فإن ظهر العمل، حملته على لفظه، تقول: ما رأيته مذ يومان وليلتان، ولك نصب الثّاني، كأنّك قلت: ما رأيته ليلتين، ولا تقول: ما رأيته مذ يوم يوم، فتبنى، ك" خمسة عشر"، وقوم يجيزون: مذ يوم يوم، بلا تنوين، ولا يجيزون: مذ شهر شهر، ولا: دهر دهر، قال ابن السّرّاج: ولا أعرف الضّمّ بلا تنوين - في هذا - من كلام العرب (٢).

وأمّا إذا كانت" مذ"، و" منذ" حرفين فإنّهما يتنزّلان منزلة" في" (٣) تقول: ما رأيته مذ اليوم، وأنت عندنا منذ الّليلة،

أي: في اليوم وفي اللّيلة، التقدير: أنت عندنا مستقرّ أو كائن في اليوم، أو في الليلة.

قال سيبويه: وتكون ابتداء غاية الأيّام والأحيان كما كانت" من" (٤)

وذلك قولك: ما رأيته مذ يوم الجمعة إلى اليوم، ومذ غدوة إلى


(١) في الأصل: اتفقت. والصّواب ما أثبتّه.
(٢) لم أقف على هذا القول لابن السرّاج فى كتاب الأصول المطبوع.
(٣) انظر: الجنى الداني ٤٦٦.
(٤) الكتاب ٤/ ٢٢٦.