وبدل البعض: هو البدل الحقيقيّ، دون الكلّيّ؛ لأنّ البعضىّ يخالف المبدل منه لفظا ومعنى، والكلّىّ يخالفه لفظا لا معني، وأنت إنّما تترك الشّئ إلى ما يكون مخالفا له؛ لتحصل الفائدة التى ما كانت تحصل من المتروك، فإذا تركته إلى ما هو مثله لم تكن الفائدة كثيرة، وإنّما يكون فيه ضرب من البيان، تقول: ضربت زيدا يده، فهذا بدل بعض، فإذا قلت: ضربت زيدا اليد والرّجل جاز أن يكون بدل كل؛ لأنّ «اليد» و «الرّجل» محيطان بالجملة؛ فاستغنى بذكرهما عن ذكرها، وإذا جعلته بدل بعض كان فيه حذف العائد، وصار من باب قولهم:«السّمن منوان بدرهم»، وسوّغ ذلك هاهنا: نيابة الألف واللّام مناب الضّمير، ولو قلت: ضربت زيدا اليد، لم يكن إلّا بدل بعض/ مع حذف العائد. ومثل الأوّل، قوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ (١)، فاجتماع الجنسين اللّذين لا تخلو منهما الفواحش، سوّغ أن يجعل بدل كلّ.
فإن جزّأت البدل البعضيّ احتجت أن تذكر ما يوافق العدد من الأجزاء، تقول: رأيت الجمال ثلثها، إذا كانت ممّاله ثلث، ولا يجوز أن يكون عددا لا ثلث له، مثل أربعة، وهكذا باقي الأجزاء، ونحو من ذلك، أنّ الثاني إذا استغرق العدّة جاز أن يكون بدلا، وأن يقطع عن الأوّل، تقول: رأيت القوم زيدا وعمرا وخالدا، وزيد وعمرو وخالد، هذا إذا كان عدد القوم ثلاثة، فإن نقصت عن عدد القوم فالقطع، تقول: رأيت القوم زيد وعمرو، كأنّك قلت: منهم زيد وعمرو، وقريب منه ما قاله الأخفش: أن ينظر إلى الأوّل، إن جاز السكوت