للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جاءت هذه الأحرف الثلاثة: «الواو» و «الفاء»، و «ثم» في آية واحدة لازمة لمعانيها، قال الله تعالى: وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ. وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (١).

وقد جوّز الأخفش، أن تكون «ثمّ» (٢) زائدة فى قوله تعالى: حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا (٣).

وأمّا «أو»: فإنّها تقع في الكلام على أربعة أنحاء.

الأوّل: أن تكون للشّك كقولك: جاءني زيد أو عمرو، فيجوز في هذا أن يكون قد مضى صدر الكلام على اليقين، ثم جئت ب «أو» فسرى الشّكّ من الثانى إلى الأوّل، وهذا إنّما يكون في الخبر والاستخبار، ويجوز أن يكون صدر الكلام مبنيّا على الشّكّ فيتنخّل (٤) من ذلك معنى أحدهما. وتقول: ضربت زيدا وعمرا أو خالدا، فالمعنى: أنّك ضربت الرّجلين جميعا، أو خالدا وحده.

الثّاني: [أن] (٥) تكون للتّخيير، وهو متعلّق بالأمر والنّهى، وذلك فيما يكون الإنسان ممنوعا منه، فإذا خيّره أطاعه في أحدهما، وبقي الأخر علي المنع


(١) ٧٩، ٨٠، ٨١ / الشعراء.
(٢) ليس هذا الرأي في معانى القرآن له. هذا وفي المساعد على تسهيل الفوائد ٢/ ٤٥١ نسبة القول بزيادتها فى هذه الآية إلى الأخفش والكوفيين. وانظر أيضا: الهمع ٥/ ٢٣٧ حيث نسب السيوطىّ القول بزيادتها إلى الكوفين فقط.
(٣) ١١٨ / التّوبة.
(٤) أى: يتخيّر، يقال: تنخلت الشيء، إذا تخيّرته.
(٥) تتمّة يقتضيها السّياق.