كقولك: خد من مالي درهما أو دينارا، فتحلّ له واحدا منهما بغير عينه، فإذا اختار أحدهما بقي الآخر على ما كان عليه من المنع، هذا في الأمر، فأمّا النّهي، فإذا قلت: لا تأخذ من مالي درهما أو دينارا، فالنّهي يتناول المنع من أخذ/ الدّرهم والدينّار؛ لأنّه يتناول منع ما أجازه الأمر، وهو: أحدهما، لا بعينه، وبقي الآخر على المنع الأوّل.
الثّالث: أن يكون فيها معنى الإباحة، وهو متعلّق بالأمر والنّهي، ويقارب معنى «الواو» في أحد أقسامها، تقول: جالس الحسن أو ابن سيرين فإن جالس أحدهما أو كليهما فقد امتثل الأمر؛ لأنّه لم يخيّره أن يجالس أيّهما شاء، إنّما أباح له مجالسة هذا الضرب من النّاس، ولو كانت «الواو» موضعها، وفعل أحدهما، كان مخالفا أمره؛ لأنّ «الواو» للجمع.
فأمّا إذا نهيته في هذا القسم، فقلت: لا تلبس قميصا أو جبّة، فلبس أحدهما، أو لبسهما كان مخالفا للنّهى، كما أنّه إذا جالس أحد الرجّلين، أو الرّجلين معا، كان طائعا، ومتى ولي النّهى «أو «التي للإباحة، استغرق الجميع، كقولك: لا تأكل خبزا أو لحما أو سمكا؛ فإنّه يكون منهيّا عن الجميع، ومنه قوله تعالي: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (١)، فإنّه لا
يجوز له طاعة أحدهما؛ لأنّ التقدير: لا تطع أحد هذين الصّنفين.
والإباحة: تشبه التّخيير من وجه أنّه إذا جالس أحدهما كان مطيعا، وتفارقه من وجه أنّه إذا جالسهما معا كان مطيعا.
الرّابع: أن تكون للإبهام، إذا صدرت من العارف بما يريد، كقوله