للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ، وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (١)، وقوله تعالى: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا (٢) فعدّاه إلى المصدر وحده، وفي المثل:" من يسمع يخل" (٣) والجرميّ (٤) لا يجيز ذلك، ويقول: هذه الأفعال لا يخلو الإنسان منها، بخلاف غيرها؛ فلا بدّ من مفعوليها، فأمّا قول الشّاعر (٥):

فما جنّة الفردوس ها جرت تبتغى ... ولكن دعاك الخبز أحسب والتّمر

فلم يعدّ: أحسب" إلى شئ.

الحكم الرّابع: لا يجوز الاقتصار على أحد مفعوليها إذا ذكرا؛ لأنّهما كان مبتدأ وخبرا، ولا بدّ لأحدهما من الآخر؛ ولانّها إنّما تؤثّر المعنى فيهما جميعا، ألا ترى أنّ الظنّ لا يخصّ" زيدا" دون" قائما"، ولا" قائما" دون" زيد" وإنّما يخصّهما معا أي: ظننت قياما متعلّقا بزيد، فأمّا قول العرب:

ظننت ذاك/ فإنّ" ذاك" إشارة إلى المصدر الذي هو الظّنّ، كأنّك قلت: ظننت ذاك الظنّ، كما كانت" الهاء" كناية عنه، ولو كان إشارة إلى غيره، لم يكن


(١) ٧٨ / البقرة.
(٢) ٣٢ / الجاثية.
(٣) انظر: الأمثال، لأبي عبيد القاسم بن سلّام ٢٩٠ ومجمع الأمثال للميدانى ٢/ ٣٠.
ومعنى المثل: أنّ المجانبة للنّاس أسلم؛ لأنّ من يسمع أخبار النّاس ومعايبهم يقع في نفسه عليهم المكروه.
(٤) انظر: الهمع ٢/ ٢٢٥.
(٥) هو حكيم بن قبيصة بن ضرار، من شعراء الحماسة.
انظر: شرح حماسة أبي تمّام للمرزوقي ١٨٢٥، والمساعد على تسهيل الفوائد ١/ ٣٦٥، والهمع ٢/ ٢٣٠، والخزانة ٩/ ١٣٧.