للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا" ظلّ": فإنّها لما يعمله الإنسان نهارا، ولا تستعمل إلّا ناقصة، وفي تخصيصها/ بالنّهار نظر، ألا ترى قوله تعالى: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا (١) وقوله تعالى: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٢) وهذا لا يخصّ زمانا دون زمان، ولهذا جعلها بعضهم (٣) بمعنى" صار"، وحمل الآية عليها.

وأمّا" بات": فإنّها مختصّة باللّيل دون النّهار، وتستعمل ناقصة وتامّة.

فالنّاقصة: قولك: بات زيد قائما، مثل" ظلّ" في النهار.

والتّامّة كقولك: بات زيد، فلا تريد: أنّه نام، وإنّما هو بمنزلة" أمسى" التّامّة، وجعلها بعضهم (٤) بمعنى" صار"؛ حملا على" ظلّ".

وأمّا" ما دام"، وجميع ما في أوله" ما": فإنّها يراد بها المطاولة، ولزوم الشّيء ومتابعة بعضه بعضا.

وما" في" ما دام" مع الفعل بتقدير المصدر، وهو نائب عن الزّمن، تقول: أجلس ما دمت جالسا، كأنّك قلت: أجلس زمن دوام جلوسك، كقولهم:

" آتيك خفوق النّجم" و" مقدم الحاجّ".

ولا بدّ أن يتقدّمها عامل؛ لأنّها نائبة عن الظّرف، ولا نظير لها في هذا الباب، ولا يستعمل مكانها غيرها، ولا يستعمل منها فعل، ولا يعمل فيها إلّا


(١) ٥٨ / النحل.
(٢) ٤ / الشعراء.
(٣) هو الزمخشريّ. انظر: ابن يعيش ٧/ ١٠٥ والرّضي على الكافية ٢/ ٢٩٥ والهمع ٢/ ٧٦.
(٤) هو الزمخشريّ أيضا، وانظر ما سبق في" ظلّ".