للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعل مستقبل، نحو: أقوم ما دمت قائما، ولا يجوز إدخال «إلّا» فى خبرها وخبر أخواتها، لا تقول: ما دام زيد إلّا قائما؛ لأنّ الكلام إيجاب، فإذا استثنيت منه، أدخلت إيجابا على إيجاب، كما لا تقول: مررت إلّا بك أحد؛ ولذلك خطّئ ذو الرّمّة (١) في قوله:

جراجيج لا تنفكّ إلّا مناخة ... على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا

وأمّا «ما زال»: فإنّها من" زال يزال» ضدّ ثبت، وليست من «زال يزول»؛ لأنّ هذا متعدّ وذاك قاصر، ولا من «زال يزيل»؛ لأنّ ذلك «فعل يفعل»، وهذا من «فعل يفعل»، وما فيها للنّفي، والنّفى إذا دخل على النّفي


(١) ديوانه ١٤١٩.
وهو من شواهد سيبويه ٣/ ٤٨، وانظر أيضا: معانى القرآن للفرّاء ٣/ ٢٨١ والمحتسب ١/ ٣٢٩ والتبصرة ١٨٩ والإنصاف ١٥٦ وابن يعيش ٧/ ١٠٦ والمغني ٧٣ وشرح أبياته ٢/ ١٠٩ والخزانة ٩/ ٢٤٧.
حراجيح: طوال ضامرات من الهزال، المفرد: حرجوج، كعصفور، وهي النّاقة الضامرة المهزولة.
الخسف: الإذلال والظلم، ويطلق أيضا على المبيت من غير علف.
وقد وجّه بعض النحويّين البيت بما يخرجه عن الخطأ، من هؤلاء الصيمرىّ، فقد قال فى التبصرة ١٨٩ - ١٩٠: «وأمّا قول ذي الرّمّة .. فحمله أكثر النحويّين على الغلط، وجعله ضرورة .. ووجّهه عندى: أنّه أدخل" إلّا" فى هذا الكلام؛ لأنّ لفظه نفى، وإن كان معناه الإيجاب، كما قال جذيمة الأبرش: ربّما أوفيت فى علم .. البيت، فأدخل النّون في الواجب، والنون موضعها غير الواجب ..
وانظر أيضا حواشي التبصرة ففيها توجيهات أخرى للنحويين تخرج البيت عن الخطأ، وانظر فى الموضوع: شرح أبيات المغنى للبغدادىّ ٢/ ١٠٩ - ١١٤.