للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من البلادة، وقد أجاز الكوفيون (١): ما أبيضه! وما أسوده! في الألوان؛ قالوا: لأنّهما أصلان (٢) لها.

الحكم الثّامن: قال سيبويه: هذا باب" ما أفعله" (٣) على معنيين، تقول: ما أبغضني له! وما أمقتني له! إنّما تريد: أنّك ماقت، وأنّك مبغض، وتقول: ما أمقته إليّ! وما أبغضه إلىّ! فأنت تريد: أنّه مقيت وبغيض، وإن قلت: ما أبغضني إليه! وما أمقتني إليه! كنت أنت المقيت عنده؛ وإنّما خصّوا اللام بذلك لأنّ بابها الملك، و" إلى" لانتهاء الغاية للفعل؛ فهو للمفعول.

الحكم التّاسع: نوعا التعجّب مشتركان في الأحكام؛ فكلّ فعل تعجّب منه ب" ما أفعله" تعجّب منه ب" أفعل به"، وكلّ ما امتنع في هذا امتنع في الآخر؛ تقول: ما أحسن زيدا!، وأحسن بزيد! وما أحسن استخراجه! وأحسن باستخراجه! وما أشدّ سواده! وأشدد بسواده! وما أقبح عرجه! وأقبح بعرجه!، وكما لا تقول: ما أبيضه، فكذلك لا تقول: أبيض به.

الحكم العاشر: قد ألحقوا في التعجّب لفظين، لهما نظير إليه - وإن لم يكونا تعجّبا - وهما:" أفعل القوم" و" أفعل من القوم"؛ تقول: زيد أفضل القوم، وأفضل من القوم، فأعطوهما بعض أحكام التعجّب، فما لم يجز في التّعجّب، لم يجز فيهما؛ وإنما فعلوا ذلك لأنّ معناهما: المبالغة، والشّيء يحمل على نظيره؛ ولهذا امتنع بعضهم من ظهور المصدر معه؛ فلا يجيز: زيد


(١) الإنصاف ١٤٨.
(٢) الإنصاف ١٥٠ - ١٥١.
(٣) الكتاب ٤/ ٩٩.