للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفضل القوم فضلا، وأكرمهم كرما، وقال: ما جاء منه مظهرا فهو منصوب بفعل آخر يدلّ عليه المذكور، كقوله (١):

أمّا الملوك فأنت اليوم ألأمهم ... لؤما وأبيضهم سربال طبّاخ

وهذان الفعلان الملحقان بالتّعجّب محمولان على قسميه؛ فكلّ ما جاز فيهما جاز في هذين، وما امتنع فيهما امتنع في هذين؛ تقول: زيد أعلم القوم، وأعلم من القوم، وأحسن/ القوم استخراجا، وأحسن منهم استخراجا، وأشدّ القوم بياضا، وأشدّ منهم بياضا، وأقبح القوم عرجا، وأقبح منهم عرجا؛ ولا تقول: هو أبيضهم، ولا أعرجهم، فأمّا قوله تعالى: فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٢) فمحمول على عمى القلب (٣) - وإليه ينسب أكثر


(١) هو طرفة بن العبد. ديوانه ٣٣، ورواية الديوان هكذا:
إن قلت نصر فنصر كان شرّ فتى ... قدما وأبيضهم سربال طبّاخ
وانظر: معاني القرآن للفرّاء ٢/ ١٢٨ والإنصاف ١٤٩ وابن يعيش ٦/ ٩٣ والتهذيب ٣/ ٢٤٥ واللسان (بيض)، ورواية الشطر الأول فى الإنصاف وابن يعيش واللسان هكذا:
إذا الرّجال شتوا واشتدّ أكلهم
أبيضهم سربال طبّاخ: أى: إن ثياب طبّاخك بيضاء شديدة البياض نقيّة من أثر الطبيخ، وهذا يعنى أنّه لا يطبخ؛ فلا تتدنّس ثيابه، وهذا كناية عن شدّة البخل، هذا وقد قال الأزهرىّ في التصريح ١/ ٢٥٣:" ف" لؤما" منصوب بمحذوف، قاله صاحب البديع".
(٢) ٧٢ / الإسراء.
(٣) انظر: معاني القرآن وإعرابه للزّجاج ٣/ ٢٥٣، هذا وما ذكره ابن الأثير في تأويل الآية موجود بنصه تقريبا في أصول ابن السرّاج ١/ ١٠٥.