للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامل الظّرف بعد الاسم؛ لئلّا يقدّم الخبر وهو غير ظرف، والأخفش لا يجيز من الفصل إلّا ما سمع (١)

الحكم الثّامن: يجوز أن يفصل بين أسماء هذه الحروف وأخبارها بما يدخل لتوكيد الشيء أو لرفعه، وذلك قولك: إنّ زيدا - والله - ظالم، وإنّ بكرا - فافهم ما أقول - رجل صالح، وإنّ عمرا - هو المسكين - مرحوم؛ لأنّ هذا في الرّفع يجرى مجرى المدح والذّمّ في النّصب، وعلى ذلك تأوّلوا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا. أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ (٢) ف" أولئك" هي الخبر.

الحكم التّاسع: كما فصلوا بين أسمائها وأخبارها قد فصلوا بينها وبين أسمائها بالظّرف، فقالوا: إنّ في الدّار زيدا قائم، وأنشد سيبويه (٣):

فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها ... أخاك مصاب القلب جمّ بلابله

فإن لم يكن ظرفا لم يجز، لا تقول: إنّ إخوتك زيدا ضارب.

الحكم العاشر: إذا دخلت" ما" على هذه الأحرف كفتّها عن العمل، وهيّأتها لتقع بعدها الجملة من الفعل والفاعل، والمبتدأ والخبر، تقول:

إنّما زيد قائم، وكأنّما أخوك الأسد، ولعلّما زيد منطلق/ وإنّما قام زيد، ولكنّما يقوم بكر، قال الله تعالى: أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ * (٤) وإنما أنت


(١) انظر: الهمع ٢/ ١٦٠.
(٢) ٢٩، ٣٠ / الكهف.
(٣) لقائل مجهول. الكتاب ٢/ ١٣٣.
وانظر: الأصول ١/ ٢٠٥ والتبصرة ٢٠٧ والمقرب ١/ ١٠٨ والمغني ٦٩٣ وشرح أبياته ٨/ ١٠٥ والخزانة ٨/ ٤٥٢.
لحاه يلحوه لحوا ولحيا: لامه وعذله. الجمّ: الكثير البلابل: شدة الهمّ والوساوس، جمع بلبلة.
(٤) ١١٠ / الكهف و ١٠٨ / الأنبياء و ٦ / فصّلت.