للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضّرب الثّالث: المسموع. قد أدخلوا «النّون» علي أفعال مستقبلة فى الخبر، وقبلها «ما» زائدة، قالوا: «بجهد مّا تبلغنّ» (١)، و «بعين مّا أرينّك» (٢)، شبّهوا «ما» بلام القسم؛ لكونها مؤكّدة؛ ولذلك أدخلوها فى الشّرط والجزاء، كقوله تعالى: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ (٣)، قال سيبويه: وقد تدخل «النّون» للضّرورة وليس معها (٤) «ما»، وأنشد (٥):

ربّما أوفيت فى علم ... ترفعن ثوبى شمالات

وإنّما حسّن هذا زيادة «ما» في «ربّ».

وزعم يونس أنّم يقولون: هلّا يقولنّ، وألا يقولنّ، وربّما يقولنّ، وكثر ما يقولنّ؛ تشبيها بلام اليمين، ولا يجوز طرح «ما» (٦) هاهنا.

وقال سيبويه: يجوز للمضطر أن يقول: أنت تفعلنّ ذلك، وقال: وتدخل


(١) انظر: سيبويه ٣/ ٥١٦. ويقال لمن حملته فعلا فأباه، أي: لا بدّ لك من فعله مع مشقّة.
(٢) ذكره أبو هلال العسكريّ في جمهرة الأمثال ١/ ٢٣٦.
وذكره أيضا الميدانيّ في مجمع الأمثال ١/ ١٧٥. وانظر أيضا: سيبويه ٣/ ٥١٧.
ويضرب في الحث علي ترك البطء، ولمن يخفى أمرا أنت به بصير. قال الميدانىّ: أي: اعمل كأنّى أنظر إليك. و «ما» صلة دخلت للتّأكد؛ ولأجلها دخلت النّون.
(٣) ٤١ / الزّخرف.
(٤) الكتاب ٣/ ٥١٥، ٥١٨.
(٥) لجذيمة الأبرش. وهو من شواهد سيبويه ٣/ ٥١٨ وانظر أيضا: نوادر أبى زيد ٥٣٦ والمقتضب ٣/ ١٥ والأصول ٣/ ٤٥٣ والإيضاح العضدىّ ١/ ٢٥٣ واللامات ١١٥ والتبصرة ١٩٠، ٤٣١ وابن يعيش ٩/ ٤٠ والمغنى ١٣٥، ١٣٧، ٣٠٩ وشرح أبياته ٣/ ١٦٣ و ٥/ ٢٥٧ والخزانة ١١/ ٤٠٤.
أوفيت علي الشئ: أشرفت عليه، و «فى» بمعني «على» العلم: الجبل. الشمالات: جمع شمال - بالفتح - وهي الريح التي تهبّ من جهة
الشّمال.
(٦) الكتاب ٢/ ١٥٣.