للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كقوله تعالي: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (١)؛ فجعل «لا تصيبنّ» نفيا، وغيره جعلها نهيا (٢) بعد أمر، كقوله تعالي: ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ (٣). وأعاد (٤) عثمان، ذكر هذا الحكم (٥) في الخصائص (٦) فقال: ومثال دخول «النون» في الفعل المنفىّ قولك: قلّما يقومنّ زيد، وقالوا: أقسمت لمّا تفعلنّ، «لا» طلب، كالأمر والنّهى، وما أشبه ما قال عثمان بما قال؛ فإنّ ظاهر لفظ الآية يدلّ علي ما ذهب إليه ولا يحتاج إلي تعسّف فى توجيهها. وقال الفارسىّ: نون التوكيد لا تدخل النّفى (٧)، وأنشد (٨) معترضا:

قليلا به ما يحمدنّك وارث ... إذا نال ممّا كنت تجمع مغنما

وقال: إنّما دخلت «النّون» هاهنا حملا على المعنى.


(١) ٢٥ / الأنفال.
(٢) قال الفرّاء فى معانى القرآن ١/ ٤٠٧: «أمرهم ثمّ نهاهم، وفيه طرف من الجزاء وإن كان نهيا ومثله قوله: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ أمرهم ثمّ نهاهم، وفيه تأويل الجزاء».
وقال الأخفش في معاني القرآن ٣٢١: «فليس قوله - والله أعلم - «تصيبنّ» بجواب، ولكنّه نهي بعد نهي، ولو كان جوابا ما دخلت النّون» وذكر الزّجاج في معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٤١٠ ما ذكره الفرّاء، ثمّ نظر لآية «الأنفال» بآية «النّمل» أيضا. وانظر: إعراب القرآن لأبى جعفر النّحاس ٢/ ٥١٢.
(٣) ١٨ / النمل.
(٤) فى الأصل: وعاد.
(٥) تتمّة يلتيئم بمثلها الكلام، وقد سبق نظيرها قريبا.
(٦) ٣/ ١١٠.
(٧) لم أقف علي هذا القول للفارسيّ فيما بين يدىّ من كتبه المطبوعة. وذكر ذلك ابن الدهّان منسوبا إلى الفارسىّ في الشيرازيّات. انظر:
الموضع السّابق من الغرّة.
(٨) لحاتم الطائى. ديوانه ٢٣٧.
وانظر: نوادر أبى زيد ٣٥٥ والتصريح ٢/ ٢٠٥. والهمع ٤/ ٤٠١ والخزانة ٣/ ١٢٤.