زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ وَأَمَّا الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِإِمَامَيْنِ وَيَتْبَعُ كُلَّ إمَامٍ طَائِفَةً وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فَيُشْكَلُ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ هَلْ يَتْبَعُونَ إمَامَهُمْ أَوْ غَيْرَهُ فِيمَا يَسْمَعُونَ مِنْ التَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى مِمَّنْ صَارَ فِي شَكٍّ هَلْ اتَّبَعَ إمَامَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَاسِدَةٌ، وَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ تَبِعَ إمَامَهُ إلَّا أَنَّهُ فِي شُغْلٍ مِنْ مُرَاعَاةِ ذَلِكَ قَدْ شَغَلَهُ التَّكَلُّفُ فِيهِ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ إمَامٍ أَنْ يَتَبَاعَدَ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ الْمُؤَدِّي لِفَسَادِ صَلَاةِ النَّاسِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِيمَا يُشَكِّكُ اهـ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ الْمَنْعُ مِنْ جَمْعِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَهُوَ الَّذِي شَاهَدْتُ شَيْخَنَا الْإِمَامَ ابْنَ عَرَفَةَ يُفْتِي بِهِ وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ اهـ
قَالَ الْحَطَّابُ لَا يُقَالُ إنَّ جَمْعَهُمْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَتَقْرِيرِهِ فَيَجُوزُ، لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ إذْنِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ لَا يُفِيدُ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ إذْنَ الْإِمَامِ فِي الْمَكْرُوهِ أَوْ الْحَرَامِ لَا يُبِيحُهُ اهـ.
وَسَلَّمَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ وَالشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَتَلَامِذَتُهُمَا كَالْعَلَّامَةِ الْخَرَشِيِّ وَالْعَلَّامَةِ عَبْدِ الْبَاقِي وَالْعَلَّامَةِ الشَّبْرَخِيتِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ الرَّمَاصِيُّ وَالْمُحَقِّقُ الْبُنَانِيُّ قَالَا وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْإِمَامُ ابْنُ فَرْحُونٍ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الْإِمَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ الْخَرَشِيُّ والشبرخيتي وَلِلشَّارِعِ غَرَضٌ فِي تَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ لِيُصَلِّيَ الشَّخْصُ مَعَ مَغْفُورٍ لَهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَلِهَذَا أَمَرَ بِالْجَمَاعَةِ وَحَضَّ عَلَيْهَا فَإِذَا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهَا لَا تُجْمَعُ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ تَأَهَّبُوا لِأَوَّلِ مَرَّةٍ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ أَلَا تَرَى تَأَهُّبَهُمْ لِلْجُمُعَةِ وَمِنْ كَرْمِهِ - سُبْحَانَهُ - شَرَعَ الْجُمُعَةَ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي الْجَمَاعَاتِ مَغْفُورٌ لَهُ وَالْجُمُعَةُ يَجْتَمِعُ لَهَا أَهْلُ الْبَلَدِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ثُمَّ شَرَعَ الْعِيدَ لِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْبِلَادِ الْمُتَقَارِبَةِ ثُمَّ شَرَعَ الْمَوْقِفَ الْأَعْظَمَ لِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْأَقْطَارِ وَفِيهِ اعْتِنَاءٌ بِالْعَبْدِ اهـ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لِلْحَافِظِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْمُنْذِرِيِّ عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ وَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ثُمَّ قَالَ وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابُ الدَّعْوَةِ، الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ، وَالْمُتَسَلِّطُ عَلَى أُمَّتِي بِالْجَبَرُوتِ لِيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّهُ اللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute