للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ كَلَامَ الْحَطَّابِ فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُ الصَّوْمِ، وَالْفِطْرُ بِسَمَاعِ صَوْتِ الْمِدْفَعِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّهُ لَا يُضْرَبُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ أَوْ شَوَّالَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَحُكْمُهُ بِهِ، وَإِعْلَامُهُ حَاكِمَ السِّيَاسَةِ بِذَلِكَ كَإِيقَادِ الْقَنَادِيلِ فِي الْمَنَائِرِ، وَكَذَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الْفِطْرِ، وَالْإِمْسَاكِ كُلَّ لَيْلَةٍ لِتَوْكِيلِهِمْ عَلَى الْأَمْرِ بِضَرْبِهِ مُسْلِمًا عَارِفًا بِالْوَقْتِ فَصَارَ كَالْأَذَانِ بِحَيْثُ إنْ قُدِّمَ عَلَى الْوَقْتِ أَوْ أُخِّرَ عَنْهُ يُنْكِرُهُ النَّاسُ، وَصَارَ الْمُؤَذِّنُونَ، وَالنَّاسُ مُعْتَمَدِينَ عَلَيْهِ أَشَدَّ مِنْ اعْتِمَادِهِمْ عَلَى الْمِيقَاتِيِّ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ.

[شَرِبَ الدُّخَانَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَامِدًا فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ شَرِبَ الدُّخَانَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَامِدًا فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؟

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: نَعَمْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إنْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي إفْسَادِ صَوْمِ رَمَضَانَ انْتِهَاكًا لَهُ بِمُوجِبِ الْغُسْلِ، وَطْئًا، وَإِنْزَالًا، وَالْإِفْطَارُ بِمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ أَوْ الْمَعِدَةِ مِنْ الْفَمِ اهـ.

وَفِي الْمُخْتَصَرِ، وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا بِفَمٍ فَقَطْ عَبْدُ الْبَاقِي، وَوَصَلَ لِجَوْفِهِ وَقَالَ قِبَلَ الدُّخَانِ الَّذِي يُشْرِبُ مُفْطِرٌ إذْ هُوَ مُتَكَيِّفٌ، وَيَصِلُ إلَى الْحَلْقِ بَلْ إلَى الْجَوْفِ أَحْيَانًا، وَيُقْصَدُ اهـ.

وَفِي الْمَجْمُوعِ: وَصِحَّتُهُ بِتَرْكِ مَا يَصِلُ الْمَعِدَةَ مُطْلَقًا أَوْ الْحَلْقَ مِنْ مَائِعٍ أَوْ دُخَانٍ، ثُمَّ قَالَ كَفَرَ مُنْتَهِكُ رَمَضَانَ بِإِدْخَالٍ مِنْ فَمٍ فَقَطْ، وَلَوْ دِرْهَمًا اهـ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي وَضْعِ الدُّخَانِ فِي الْفَمِ بَيْنَ الشَّفَةِ السُّفْلَى، وَالْأَسْنَانِ، وَمَجِّ الرِّيقَ الْمُتَغَيِّرَ بِهِ هَلْ يُفَطِّرُ الصَّائِمَ، وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ إنْ كَانَ عَمْدًا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَضْعُ الدُّخَانِ فِي الْفَمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُضَادٌّ لِحَقِيقَةِ الصِّيَامِ الَّتِي هِيَ الْإِمْسَاكُ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ، وَالْفَرْجِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ إلَى تَمَامِ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّكَيُّفِ بِهِ تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ مَضْغًا، وَيَصِلُ طَعْمُهُ لِلْحَلْقِ، وَيَتَكَيَّفُ بِهِ الدِّمَاغُ مِثْلَ تَكَيُّفِهِ بِالدُّخَانِ الَّذِي يُمَصُّ بِالْعُودِ أَوْ يُتَنَشَّقُ بِهِ مِنْ الْأَنْفِ أَوْ أَشَدُّ فَلَا شَكَّ فِي إفْطَارِهِ الصَّائِمَ، وَإِيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ الْكُبْرَى إنْ كَانَ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ عَمْدًا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، وَالْفِطْرُ بِهِ أَوْلَى مِنْ الْفِطْرِ بِدَهْنِ الرَّأْسِ إذَا وَصَلَ طَعْمُهُ لِلْحَلْقِ مِنْ الْمَسَامِّ، وَبِاسْتِنْشَاقٍ بِبُخَارِ الْقِدْرِ، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ لِلْعَوَامِّ، وَإِذَا سَمِعُوا قَوْلَ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا يُفْطِرُ أَوْ تَوَقُّفِهِ فِي ذَلِكَ اسْتَغْرَبُوهُ، وَنَسَبُوهُ لِلْجَهْلِ، وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ، وَمَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ تَتَكَيَّفُ بِهِ دِمَاغُهُ تَكَيُّفًا شَدِيدًا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَيُفَضِّلُهُ عَلَيْهِمَا، وَيَتَضَرَّرُ لِتَرْكِهِ تَضَرُّرًا شَدِيدًا يُشْرِفُ بِهِ عَلَى الْهَلَاكِ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُفَطِّرُهُ أَوْ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ؟ ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى مَضْغِ الْعِلْكِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّ الْعِلْكَ لَا حَرَارَةَ فِيهِ مِثْلَ الدُّخَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>