فَطِّهَا لِلشَّطِّ، وَإِنْ فَطَّتْ مِنْ مَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْهَا عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُقَالُ إنَّ الْآلَاتِ هِيَ السَّبَبُ فِي فَطِّهَا فَهِيَ لِمَنْ بَادَرَ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ الصَّيَّادُونَ أَوْ خِلَافُهُمْ، وَإِنْ تَدَافَعُوا عَلَيْهَا فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَلَكَ الصَّيْدَ الْمُبَادِرُ لِأَخْذِهِ أَوْ تَعْطِيلِهِ لَا رُؤْيَتِهِ، وَإِنْ تَدَافَعَ قَادِرُونَ لَهُ فَبَيْنَهُمْ، دَفْعًا لِلنِّزَاعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي جَمَاعَةٍ مُسَافِرِينَ فِي مَفَازَةٍ فِيهَا مَسَافَةُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَا مَاءَ بِهَا، وَمَعَهُمْ مَاءٌ زَائِدٌ عَلَى حَاجَتِهِمْ فَنَامَ أَحَدُهُمْ فَتَرَكُوهُ نَائِمًا، وَذَهَبُوا عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَفْتِيشٍ عَلَيْهِ، وَلَا تَحْلِيفِ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِمَاءٍ، وَرَاحِلَةٍ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَيَلْحَقَهُمْ مَعَهُ، ثُمَّ مَرَّتْ مِنْهَا قَافِلَةٌ أُخْرَى فَوَجَدَتْ الرَّجُلَ مَيِّتًا مِنْ الْعَطَشِ فَهَلْ تَلْزَمُ الدِّيَةُ رُفْقَتَهُ الَّتِي تَرَكَتْهُ فِي أَمْوَالِهَا أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهَا أَوْ لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تَلْزَمُ دِيَتُهُ رُفْقَتَهُ فِي أَمْوَالِهَا إنْ تَعَمَّدَتْ تَرْكَهُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهَا إنْ تَأَوَّلَتْ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ مَنْ أَمْكَنَهُ إنْقَاذُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مِنْ مُهْلِكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ كَإِتْلَافِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً اهـ. وَلَا يُقْتَلُونَ بِهِ، وَلَوْ تَرَكُوهُ عَمْدًا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَا زَالَ الشُّيُوخُ يُنْكِرُونَ حِكَايَتَهُ عَنْ مَالِكٍ، وَيَقُولُونَ إنَّهُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ.
وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ خَرَّجَ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ تَعَمَّدَ الزُّورَ فِي شَهَادَتِهِ حَتَّى قُتِلَ بِهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَالَ فَقَدْ قِيلَ يُقْتَلُ الشَّاهِدُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ اهـ. وَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْخَرَشِيِّ، وَلَوْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِإِهْلَاكِهِ بِتَرْكِ تَخْلِيصِهِ قُتِلَ بِهِ غَيْرُ صَوَابٍ اهـ. بُنَانِيٌّ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْعَدَوِيُّ إنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[جَمَل وَقَعَ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْ نَحْرُهُ وَلَا ذَبْحُهُ وَرُمِيَ بِآلَةٍ قَطَعَتْ ذَنَبَهُ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي جَمَلٍ وَقَعَ فِي بِئْرٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ نَحْرُهُ، وَلَا ذَبْحُهُ، وَرُمِيَ بِآلَةٍ قَطَعَتْ ذَنَبَهُ، وَتَحَرَّكَ، وَمَاتَ فَهَلْ لَا يُؤْكَلُ؟
فَأَجَبْتُ: بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ لَا يُؤْكَلُ، وَفِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ، وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْأَكْلِ فَقَالَ كَالْحَيَوَانِ الْمُتَرَدِّي إنْسِيًّا كَانَ أَوْ، وَحْشِيًّا أَيْ السَّاقِطِ بِحُفْرَةٍ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَيْدًا حِينَئِذٍ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي شَاةٍ أَكَلَتْ عَجِينًا كَثِيرًا، وَأَيِسَ مِنْ حَيَاتِهَا فَذُبِحَتْ، وَسَالَ دَمُهَا كَثِيرًا بِلَا شَخْبٍ، وَلَا حَرَكَةٍ إلَّا كَتِفُهَا، وَبَعْضُ، وَدَجِهَا فَأَفْتَى رَجُلٌ بِأَنَّهَا مَيِّتَةٌ فَرُمِيَتْ فَهَلْ أَخْطَأَ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ أَخْطَأَ فِي فَتْوَاهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا إنْ انْتَصَبَ أَوْ تَوَلَّى رَمْيَهَا، وَإِلَّا فَغَارَّ غُرُورًا قَوْلِيًّا لَا ضَمَانَ فِيهِ، وَيُزْجَرُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ اشْتِغَالٌ