للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُرْبِ وَالْبَعْدِ كَمَا إذَا سَأَلَهَا وَضْعَ صَدَاقِهَا فَوَضَعَتْهُ ثُمًّ طَلَّقَهَا فَيُفَصَّلُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَكَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ وَيَأْتِي أَيْضًا الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِقَالَةِ وَذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهَا، وَإِنَّ هَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْجَعْلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَجْعُولُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَدَمُ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا، أَوْ التَّسَرِّي، أَوْ عَدَمُ إخْرَاجِهَا مِنْ بَلَدِهَا، أَوْ دَارِهَا فَمَتَى فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ الْمَجْعُولُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ مُطْلَقًا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَالْمَجْعُولُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ هُوَ تَرْكُ الطَّلَاقِ وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ مُرَادَهَا عَدَمُ الطَّلَاقِ الْآنَ، أَوْ فِيمَا قَارَبَ ذَلِكَ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ فَتَأَمَّلْهُ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَى عَدَمِ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا الْآنَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى إرَادَتِهَا عَدَمَ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا فَيَتَسَاوَيَانِ وَكَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ الْمُتَقَدِّمِ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ أَعْطَاهَا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ إجْمَالٌ، وَقَدْ اُسْتُوْفِيَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي بَابِ الْخُلْعِ وَذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ.

(الرَّابِعُ) : مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا إذَا وَضَعَتْ لِلشَّرْطِ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا فِي الْعَقْدِ هُوَ الْمَشْهُورُ إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ صَدَاقَهَا أَلْفٌ ثُمَّ قَالَتْ لَهُ أَنَا أُسْقِطُ لَك مِائَتَيْنِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى أَنْ لَا تَسَرَّى، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إنْ خَالَفَ.

وَمُقَابِلُهُ رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَرْجِعُ بِمَا وَضَعَتْ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَقِيلَ: تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِمَّا وَضَعَتْ أَوْ مِنْ تَمَامِ صَدَاقِ الْمِثْلِ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَوَجَّهَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَشْهُورَ بِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ يَعْنِي فَكُلُّ مَا أَسْقَطَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ كَأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ.

(الْخَامِسُ) : إذَا كَانَ لَا رُجُوعَ لَهَا بِمَا وَضَعَتْهُ فِي الْعَقْدِ فَمِنْ بَابِ أَحْرَى إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي الْعَقْدِ مَا وَضَعَتْ، وَإِنَّمَا خَفَّفَتْ عَنْهُ الصَّدَاقَ لِمَا شَرَطَتْهُ كَمَا لَوْ قَالَتْ أَتَزَوَّجُك بِمِائَةٍ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ وَعُلِمَ أَنَّ صَدَاقَ مِثْلِهَا مِائَتَانِ فَخَالَفَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا خَفَّفَتْ. وَقِيلَ: لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِتَمَامِ صَدَاقِ مِثْلِهَا.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الشُّرُوطِ فِي الْخُلْعِ]

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الشُّرُوطِ فِي الْخُلْعِ) : كَمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي هِيَ بِهِ، فَإِنَّ الْخُلْعَ يَلْزَمُهُ وَتَبِينُ مِنْهُ وَلَا تَخْرُجُ مِنْ الْمَسْكَنِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ مَسْكَنِهَا حَرَامٌ وَالْخُلْعُ عَلَى الْحَرَامِ لَا يَلْزَمُ كَمَا لَوْ خَالَعَتْهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَيُرَاقُ الْخَمْرُ وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ، أَوْ فِي يَدِهَا إلَّا أَنْ يَتَخَلَّلَ الْخَمْرُ فَيَكُونَ حَلَالًا لِلزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَالِعهَا عَلَى أَنْ تُسَلِّفَهُ، أَوْ عَلَى أَنْ تُؤَجِّرَهُ بِدَيْنٍ بِذِمَّتِهِ حَالٍّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَهُوَ حَرَامٌ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>