فَأَجَابَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَحْمَةً وَاسِعَةً بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا أَشْهَدَ الرَّجُلُ عَلَى الْهِبَةِ لِوَلَدِ وَلَدِهِ الْيَتِيمِ الْمَحْجُورِ لَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَمْ يَضُرَّ بَقَاؤُهَا تَحْتَ يَدِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَحُوزُ لَهُ وَسَوَاءٌ صَرَفَ الْغَلَّةَ لِلْيَتِيمِ أَوْ لَا وَالْبَيْعُ الْوَاقِعُ مِنْهُ قَبْلَ رُشْدِ الْيَتِيمِ وَعَمَلِهِ بَيْعُ فُضُولِيٍّ، فَإِذَا رَشَدَ الْيَتِيمُ وَعَلِمَ فَلَهُ الْخِيَارُ إمَّا أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى جَدِّهِ أَوْ عَلَى تَرِكَتِهِ وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ الْهِبَةَ وَيَرْجِعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[امْرَأَة وَهَبَتْ لِبِنْتِ مِنْ بَنَاتِهَا شَيْئًا وَمَاتَتْ أُمُّهَا قَبْلَ حَوْزِ الْهِبَةِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ وَهَبَتْ لِبِنْتٍ مِنْ بَنَاتِهَا شَيْئًا وَمَاتَتْ أُمُّهَا قَبْلَ حَوْزِ الْهِبَةِ فَهَلْ تَبْطُلُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ، وَإِنْ ادَّعَتْ الْبِنْتُ أَنَّهَا كَانَتْ أَرْشَدَ أَخَوَاتِهَا وَأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ تَقْضِي لِأُمِّهَا حَوَائِجَهَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ شَيْخُ شُيُوخِنَا أَحْمَدُ الدَّرْدِيرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ أَنْ تَحُوزَ الْبِنْتُ الْهِبَةَ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا وَلَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ أَرْشَدَ أَخَوَاتِهَا وَتَقْضِي حَوَائِجَ أُمِّهَا وَكَوْنُهَا كَذَلِكَ لَا يُصَحِّحُ لَهَا الْهِبَةَ مِنْ غَيْرِ حَوْزٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَجَابَ بِنَحْوِهِ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْحَفْنَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
وَأَجَابَ الشَّيْخُ عُمَرُ الطَّحْلَاوِيُّ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ حِيَازَةِ الْبِنْتِ لِلْهِبَةِ بَطَلَتْ وَصَارَتْ مِيرَاثًا، وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَى الْبِنْتِ أَنَّهَا أَرْشَدُ وَأَنَّهَا كَانَتْ تَقْضِي حَوَائِجَ أُمِّهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَعْطَى أَوْلَادَهُ جَمِيعَ بَيْتِهِ وَنَخْلِهِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ فَأَرَادَتْ أَخْذَ صَدَاقِهَا مِنْ الْبَيْتِ وَثَمَنِهَا فَادَّعَى ذَلِكَ الرَّجُلُ أَنَّهُ رَجَعَ فِيمَا أَعْطَاهُ قَبْلَ مَوْتِ ابْنِهِ بِسِتِّ سَنَوَاتٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَشَهِدَتْ بِرُجُوعِهِ فِي النَّخْلِ فَقَطْ وَهَلْ إذَا أَثْبَتَ أَنَّ الِابْنَ الْمُتَوَفَّى قَطَعَ ثَمَرَ النَّخْلِ وَأَخَذَهُ فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ حِيَازَةً؟ وَهَلْ إذَا قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا وَضَعَتْ زَوْجَةُ ابْنِي وَلَدًا فَلَهُ حِصَّةُ أَبِيهِ فِي النَّخْلِ وَوَضَعَتْ وَلَدًا فَهَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ الشَّيْخُ الدَّرْدِيرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الرَّجُلَ رَجَعَ فِيمَا أَعْطَاهُ لِوَلَدِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُعْطَى مِلْكًا لِلْأَبِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الْوَلَدُ لَمْ يَنْكِحْ أَوْ يُدَايِنْ لِأَجْلِ تِلْكَ الْعَطِيَّةِ قَبْلَ رُجُوعِ الْأَبِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَحَيْثُ وَضَعَتْ زَوْجَةُ الِابْنِ وَلَدًا كَانَتْ حِصَّةُ أَبِيهِ مِلْكًا لَهُ عَمَلًا بِقَوْلِ الْأَبِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَأَجَابَ) الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَاسِطِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِرُجُوعِهِ فِيهِ فِي حَيَاةِ الْمَيِّتِ فَقَدْ رَجَعَ إلَى مِلْكِهِ، وَمَا لَمْ تَشْهَدْ بِرُجُوعِهِ فِيهِ فِي حَيَاتِهِ تَكُونُ حِصَّةُ الْمَيِّتِ فِيهِ مِيرَاثًا عَنْهُ يُقْضَى مِنْهُ صَدَاقُ زَوْجَتِهِ وَغَيْرُهُ وَيُقَسَّمُ بَاقِيهِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالِابْنِ وَالْأَبِ قَهْرًا عَلَى الْمُعَارِضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِد الْمَذْهَبِ.
(وَسُئِلَ الشَّيْخُ الدَّرْدِيرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَنْ رَجُلٍ مَلَكَ عَقَارًا وَمَوَاشِيَ وَلَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ دُيُونٌ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْعَقَارِ وَالْمَوَاشِي لِأَوْلَادِهِ وَقَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ صَحِيحًا مُخْتَارًا وَحَازَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا أَعْطَاهُ لَهُ حِيَازَةً شَرْعِيَّةً وَجَعَلَ الْأَبُ الدُّيُونَ الَّتِي عَلَيْهِ عَلَى أَوْلَادِهِ فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ قِسْمًا دَفَعَ مَا جَعَلَهُ الْأَبُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَأَشْهَدَ