الشَّرْعِيَّةِ الْوَقْفِيَّةِ أَبَدًا مَا عَاشَ وَدَائِمًا مَا بَقِيَ مِنْ غَيْرِ مُشَارِكٍ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا مُنَازِعٍ، وَلَا رَافِعٍ يَدَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا مُدَافِعٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا تَكُونُ حِصَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ فَعَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ أَجْمَعِينَ يَكُونُ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى عُتَقَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا ذُكُورًا وَإِنَاثًا بِالسَّوِيَّةِ انْتَهَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ، ثُمَّ انْقَرَضَ نَسْلُ أَحَدِهِمَا وَلَهُ عُتَقَاءُ وَبَقِيَ مِنْ نَسْلِ الْآخَرِ بِنْتٌ فَهَلْ تَصِيرُ حِصَّةُ مَنْ انْقَرَضَ نَسْلُهُ وَقْفًا عَلَى عُتَقَائِهِ مَعَ وُجُودِ بِنْتِ أَخِيهِ الْمَذْكُورَةِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ صَارَتْ حِصَّةُ مَنْ انْقَرَضَ نَسْلُهُ وَقْفًا عَلَى عُتَقَائِهِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وُجُودُ بِنْتِ أَخِيهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْبِسْ حِصَّتَهُ عَلَى أَوْلَادِ أَخِيهِ وَإِنَّمَا حَبَسَهَا عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ إلَى انْقِرَاضِهِمْ، ثُمَّ عَلَى عُتَقَائِهِ فَلَا دَخْلَ لِأَوْلَادِ أَحَدِهِمَا وَنَسْلِهِ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ فَإِذَا انْقَرَضَ نَسْلُ أَحَدِهِمَا انْتَقَلَتْ حِصَّتُهُ لِعُتَقَائِهِ مَعَ وُجُودِ نَسْلِ أَخِيهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ فَلَا شَكَّ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنْ انْقَرَضُوا جَمِيعًا بِأُسَرِهِمْ فَهُوَ فِي كُلِّ حِصَّةٍ بِانْفِرَادِهَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْكَاتِبَ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ اخْتِصَارًا وَاتِّكَالًا عَلَى وُضُوحِ جَرَيَانِهِ فِي كُلِّ حِصَّةٍ بِانْفِرَادِهَا كَجَمْعِهِ الْوَقْفَيْنِ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ لِتَخْفِيفِ الْمَحْصُولِ وَتَوَابِعِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ غَايَةَ الظُّهُورِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِمَعَالِي الْأُمُورِ وَقَدْ حَكَمَ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ.
[مَسَائِلُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ (مَا قَوْلُكُمْ) فِي طَوَائِفَ قَرَّرَهُمْ مُتَوَلِّي الْأَوْقَافِ الْإِبْرَاهِيمِيَّة فِي خِدْمَةِ ضَرِيحِ سَيِّدِنَا إِسْحَاقَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَبَعْضُهُمْ يَتَوَلَّى هَذِهِ الْخِدْمَةَ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ نِصْفَ السَّنَةِ وَبَعْضُهُمْ يَتَوَلَّى ثُمْنَهَا وَبَعْضُهُمْ يَتَوَلَّى الثُّمْنَ الْبَاقِي وَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ كَذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ سَنَةٍ بِلَا مَانِعٍ مِنْ الدَّعْوَى، ثُمَّ ادَّعَى الْآنَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ لِلثُّمْنِ أَنَّ لَهُمْ مِثْلَ مَا لِأَصْحَابِ النِّصْفِ مِنْ الْوَظِيفَةِ مُتَعَلِّلِينَ بِأَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي تَقَارِيرِهِمْ أَنَّ مَعْلُومَ وَظِيفَتِهِمْ وَخِدْمَتِهِمْ مُسَاوٍ لِمَعْلُومِ خِدْمَةِ مُتَوَلِّي النِّصْفِ وَلَيْسَ فِي التَّقَارِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّسَاوِي فِي الْخِدْمَةِ وَفِيهَا الْمُسَاوَاةُ فِي الْمَعْلُومِ؟ فَأَجَابَهُمْ أَصْحَابُ النِّصْفِ بِأَنَّ أَمْرَ الرَّبْعِ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْمُتَوَلِّي فَلَهُ أَنْ يُقَرِّرَ جَمَاعَةً فِي خِدْمَةِ زَمَنٍ طَوِيلٍ بِمَعْلُومٍ قَلِيلٍ وَأُخْرَى فِي خِدْمَةِ زَمَنٍ قَصِيرٍ بِمَعْلُومٍ كَثِيرٍ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي تَظْهَرُ لَهُ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِمْ الْمَذْكُورِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ خُصُوصًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا إثَارَةُ فِتْنَةٍ عَظِيمَةٍ بَيْنَ سَائِرِ الْمُقَرَّرِينَ فِي خِدْمَةِ بَقِيَّةِ أَضْرِحَةِ الْأَنْبِيَاءِ الْكِرَامِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْمُشْتَرِكِينَ عَلَى هَذَا النَّمَطِ مَعَ سُكُوتِ الْجَمِيعِ وَاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُهُمْ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّنَازُعَ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ إنَّمَا هُوَ فِي النُّذُورِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْهَدَايَا وَحِينَئِذٍ فَمَا جُهِلَ قَصْدُ الشَّخْصِ الْمُتَبَرِّعِ بِهِ مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute