عِنْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ فَلَيْسَ لِرَبِّ الدَّرَاهِمِ إلَّا دَرَاهِمُهُ وَالرِّبْحُ جَمِيعُهُ لِلْمُتَسَلِّفِ وَلَا عِبْرَةَ بِجَعْلِهِ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ وَذَلِكَ رِبًا يَحْرُمُ عَلَى الْمُعْطِي وَالْآخِذِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي السَّلَفِ وَالْقِرَاضِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي السَّلَفِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ. . . إلَخْ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَزْرَعَ وَيُعَالِجَ بِيَدِهِ، وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَالْقِرَاضُ فَاسِدٌ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَجَمِيعُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الدَّرَاهِمِ قَالَ الْخَرَشِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ وَكَانَ يَخِيطُ أَوْ يَزْرَعُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَمَلَ يَدِ الْعَامِلِ وَالْقِرَاضُ فَاسِدٌ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ زَادَهَا رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ وَهُوَ عَمَلُهُ فِي الزَّرْعِ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى مَعْنَى أَنْ يُنْفِقَ الْمَالَ فِي الزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْمَلَ بِيَدِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَهُ وَجَاهَةٌ أَوْ يَكُونَ الزَّرْعُ مِمَّا يَقِلُّ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ انْتَهَى.
وَأَقَرَّهُ الْمُحَشِّي وَتَبِعَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا نَصُّهُ) فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ بَعْضُهُمْ يَأْخُذُ مِنْ الْآخَرِ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا زِبْلَ حَمَامٍ لِيَزْرَعَ بِهِ بِطِّيخًا وَيَجْعَلَ لِرَبِّ الدَّرَاهِمِ الثُّلُثَ هَلْ تَكُونُ شَرِكَةً فَاسِدَةً وَلَيْسَ لِرَبِّ الدَّرَاهِمِ إلَّا مَا دَفَعَهُ لَهُ وَالزَّرْعُ لِزَارِعِهِ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ خُسْرُهُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ كَانَ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُنْفِقَهَا فِي الزَّرْعِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا فَهَذَا قِرَاضٌ صَحِيحٌ إنْ خَسِرَ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ رَبِحَ فَبَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ يَزْرَعُ فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[رَجُل أَخَذَ مِنْ آخَرَ مَالًا لِيَعْمَلَ فِيهِ قِرَاضًا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ فَاشْتَرَى بِهِ غُلَامًا]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ آخَرَ مَالًا لِيَعْمَلَ فِيهِ قِرَاضًا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ فَاشْتَرَى بِهِ غُلَامًا ثُمَّ طَلَبَ الْعَامِلُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ مَالًا آخَرَ يَعْمَلُ فِيهِ حُكْمَ الْأَوَّلِ فَأَعْطَاهُ قَدْرًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَحِمَارَةً لِيَبِيعَهَا وَيَضُمُّ ثَمَنَهَا لِلْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَيَجْعَلُ الْجَمِيعَ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ جَانِبًا مِنْ الْحَرِيرِ وَأَعْطَاهُ لِشَخْصٍ آخَرَ لِأَجْلِ أَنْ يُنَفِّذَهُ لَهُ مِنْ الْمَكَّاسِينَ فَضَاعَ ذَلِكَ الْحَرِيرُ مِنْهُ ثُمَّ حَصَلَ تَوَافُقٌ مِنْ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْعَامِلِ عَلَى أَنَّهُ يَلْتَزِمُ لَهُ مَا قَدْ ضَاعَ فَالْتَزَمَهُ لَهُ وَحَسَبَهُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْمَالِ الْأَوَّلِ بَعْدَ نَضُوضِهِ وَجَعَلَ الْجَمِيعَ رَأْسَ مَالٍ لِلْقِرَاضِ، وَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلْ فِيهِ الْعَامِلُ وَيَرْبَحُ وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مَا يَخُصُّهُ فِي رِبْحِ الْجَمِيعِ فَهَلْ إذَا أَرَادَ الْعَامِلُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا الْتَزَمَهُ وَأَنْ يَرْجِعَ فِيمَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ الرِّبْحِ يُجَابُ لِذَلِكَ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا الْتَزَمَهُ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى الْمَالِ وَتَعْرِيضِهِ لِلضَّيَاعِ بِدَفْعِهِ لِمَنْ يُنَفِّذُهُ مِنْ الْمَكَّاسِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ تَعْزِيرٌ بِالْمَالِ إذْ الْغَالِبُ اطِّلَاعُهُمْ عَلَيْهِ وَأَخْذُهُمْ جَمِيعَهُ أَوْ قَدْرَ مَكْسِهِ مَرَّتَيْنِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا يُجَابُ الْعَامِلُ لِلرُّجُوعِ فِيمَا الْتَزَمَهُ وَلَا فِيمَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ شَيْئًا أَوْ جَنَى عَلَيْهِ أَتْبَعَ أَيًّا كَانَ وَرَأْسُ الْمَالِ مَا بَقِيَ وَلَا تُجْبَرُ الْجِنَايَةِ بِالرِّبْحِ أَصْلًا عَلَى الصَّوَابِ كَمَا فِي الرَّمَاصِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي الْخَرَشِيِّ اهـ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي حُكْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute