فَيَقُولُ مَا أَخْطَأْت الطَّرِيقَ هَذِهِ أُفْسُوسُ وَأَيْدَبُوسُ وَشَامُوسُ فَعَمَدَ إلَى مَدِينَتِهِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ عَمَدَ حَتَّى جَاءَ السُّوقَ فَوَضَعَ وَرِقَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَظَرَ فَإِذَا وَرِقٌ لَيْسَ بِوَرِقِ النَّاسِ فَانْطَلَقَ بِهِ إلَى الْمَلِكِ وَهُوَ خَائِفٌ فَسَأَلَهُ وَقَالَ لَعَلَّ هَذَا مِنْ الْفِتْيَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى عَهْدِ دِقْيُوسَ فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُرِيَنِيهِمْ وَأَنْ يُعْلِمَنِي مَكَانَهُمْ وَدَعَا مَشْيَخَةَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عِنْدَهُ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَنْسَابُهُمْ فَسَأَلَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ فَسَأَلَ الْفَتَى فَقَالَ صَدَقَ وَانْطَلَقَ الْمَلِكُ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ مَعَهُ لَأَنْ يَدُلَّهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِ حَتَّى إذَا دَنَوْا مِنْ الْكَهْفِ سَمِعَ الْفِتْيَةُ حِسَّ النَّاسِ فَقَالُوا أُتِيتُمْ ظُهِرَ عَلَى صَاحِبِكُمْ فَاعْتَنَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَجَعَلَ يُوصِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِدِينِهِمْ فَلَمَّا دَنَا الْفَتَى مِنْهُمْ أَرْسَلُوهُ فَلَمَّا قَدِمَ إلَى أَصْحَابِهِ مَاتُوا عِنْدَ ذَلِكَ مَيْتَةَ الْحَقِّ فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهِمْ الْمَلِكُ شَقَّ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ أَحْيَاءً، وَقَالَ لَأَدْفِنَهُمْ إذَنْ فَأْتُونِي بِصُنْدُوقٍ مِنْ ذَهَبٍ فَأَتَاهُ آتٍ مِنْهُمْ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ أَرَدْتَ أَنْ تَجْعَلَنَا فِي صُنْدُوقٍ مِنْ ذَهَبٍ فَلَا تَفْعَلْ وَدَعْنَا فِي كَهْفِنَا فَمِنْ التُّرَابِ خُلِقْنَا، وَإِلَيْهِ نَعُودُ فَتَرَكَهُمْ فِي كَهْفِهِمْ وَبَنَى عَلَى كَهْفِهِمْ مَسْجِدًا اهـ.
وَفِيهِ أَحَادِيثُ أُخَرُ فَانْظُرْهَا إنْ شِئْتَ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[إرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ هَلْ لَهَا حَقِيقَةٌ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ فِي إرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ وَهَلْ لَهَا حَقِيقَةٌ وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ هَلْ تَدُورُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِمَا فِيهَا وَيَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ وَضِّحُوا؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ نَعَمْ لَهَا حَقِيقَةٌ وَلَكِنْ لَا تَدُورُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بَلْ هِيَ بَلْدَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فِي بَعْضِ صَحَارِي عَدَنٍ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر: ٧] {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ} [الفجر: ٨] مِنْ بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ.
قَالَ الْخَازِنُ قِيلَ كَانَ لِعَادٍ ابْنَانِ شَدِيدٌ وَشَدَّادٌ فَمَلَكَا بَعْدَهُ وَقَهَرَا الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ فَمَاتَ شَدِيدٌ وَخَلَصَ الْمُلْكُ لِشَدَّادٍ فَمَلَكَ الدُّنْيَا وَدَانَتْ لَهُ مُلُوكُهَا وَكَانَ يُحِبُّ قِرَاءَةَ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ فَسَمِعَ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ وَصِفَاتِهَا فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ إلَى بِنَاءِ مِثْلِهَا عُتُوًّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَجَبُّرًا فَرَوَى وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قِلَابَةَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِ إبِلٍ لَهُ شَرَدَتْ فَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ فِي صَحَارِي عَدَنَ وَقَعَ عَلَى مَدِينَةٍ فِي تِلْكَ الْفَلَوَاتِ عَلَيْهَا حِصْنٌ وَحَوْلَ الْحِصْنِ قُصُورٌ كَثِيرَةٌ فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا ظَنَّ أَنَّ فِيهَا أَحَدًا يَسْأَلُهُ عَنْ إبِلِهِ فَلَمْ يَرَ خَارِجًا وَلَا دَاخِلًا فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَعَقَلَهَا وَسَلَّ سَيْفَهُ وَدَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا هُوَ بِبَابَيْنِ عَظِيمَيْنِ وَهُمَا مُرَصَّعَانِ بِالْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ دَهِشَ فَفَتَحَ الْبَابَ، وَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِمَدِينَةٍ لَمْ يَرَ أَحَدٌ مِثْلَهَا وَإِذَا فِيهَا قُصُورٌ فِي كُلِّ قَصْرٍ مِنْهَا غُرَفٌ وَفَوْقَ الْغُرَفِ غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَحْجَارِ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ وَإِذَا أَبْوَابُ تِلْكَ الْقُصُورِ مِثْلُ مَصَارِيعِ بَابِ الْمَدِينَةِ يُقَابِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَهِيَ مَفْرُوشَةٌ كُلُّهَا بِاللُّؤْلُؤِ وَبَنَادِقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute