وَثِيقَةً وَقَالَ الْآخَرُ: لَا يُقَسَّمُ وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةٍ عَلِيٍّ الْمَذْكُورَةِ وَاخْتِلَافُهُمَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قِسْمَةِ الْحَبْسِ فِي الْمَرَضِ قِسْمَةُ انْتِفَاعٍ لَا قِسْمَةٌ يُمْنَعُ مِنْهَا مَنْ أَبَى وَالْمَمْنُوعُ مِنْهَا قِسْمَةُ الْبَتَاتِ انْتَهَى.
فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ قِسْمَةَ الِانْتِفَاعِ جَائِزَةٌ عَلَى الظَّاهِرِ أَوْ اتِّفَاقًا وَأَنَّ قِسْمَةَ الْبَتَاتِ مَمْنُوعَةٌ اتِّفَاقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[مُحْبَس عَلَيْهِ أَرْضٌ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا وَبَيَّنَ أَنَّهُ مَلَكَهُ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مُحْبَسٍ عَلَيْهِ أَرْضٌ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا وَبَيَّنَ أَنَّهُ مَلَكَهُ وَقُلْنَا لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ نَقْضُهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَاسْتَغَلَّ مَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ، ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَ وَارِثُهُ النَّقْضَ فَهَلْ يُحَاسَبُ بِالْغَلَّةِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا مَوْرُوثُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ لَا؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يُحَاسَبُ بِهَا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ لِمُوَرِّثِهِ بِالتَّحْبِيسِ وَالْأَنْقَاضُ مِلْكُهُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يُحَاسَبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(وَمَا قَوْلُكُمْ) فِي الْعَقَارِ الْمُحْبَسِ يُوشِكُ أَنْ يَخْرُبَ أَوْ يَخْرُبَ بِالْفِعْلِ فَيَدْفَعُهُ مُسْتَحِقُّهُ لِمَنْ يُعَمِّرُهُ بِسُكْنَاهُ لِمُدَّةٍ كَثَمَانِينَ سَنَةٍ وَدَرَاهِمَ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهَا زِيَادَةً عَلَى السُّكْنَى فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَهَلْ إذَا مَاتَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ تُفْسَخُ تِلْكَ الْعُقْدَةُ أَوْ لَا؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَإِنْ وَقَعَ يُفْسَخُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَيُكْرَى وَيُدْفَعُ لِلِبَانِي قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا مِنْ كِرَائِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
[بَيْعِ الْحَبْسِ الْمُعَقَّبِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي حُكْمِ قُضَاتِنَا بِجَوَازِ بَيْعِ الْحَبْسِ الْمُعَقَّبِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ حَيْثُ أَثْبَتَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ الْحَاجَةَ الشَّدِيدَةَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَسُدُّ خَلَّتِهِ سِوَاهُ وَلَيْسَ لَهُ غَلَّةٌ تَكْفِيهِمْ وَاعْتَمَدَ الْقُضَاةُ الْمَذْكُورُونَ عَلَى نَقْلِ الْعُمَيْرِيِّ شَارِحِ الْعَمَلِيَّاتِ الْفَاسِيَّةِ عَلَى الْمِعْيَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَبْسِ لِعَارِضِ الْحَاجَةِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ وَنَسَبَهُ لِلْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ بْنِ مَحْسُودٍ وَغَيْرِهِ فَهَلْ تُقَرَّرُ أَحْكَامُهُمْ بِذَلِكَ أَوْ تُنْقَضُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تُنْقَضُ أَحْكَامُهُمْ بِذَلِكَ وَفَتْوَى ابْنِ مَحْسُودٍ لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَلَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلِمَا ظَهَرَ لَهُ بُطْلَانُهَا رَجَعَ عَنْهَا كَمَا نَقَلَهُ شَارِحُ الْعَمَلِيَّاتِ وَنَصُّهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ النَّاظِمِ:
بَيْعُ الْمُحْبَسِ عَلَى الْمِسْكِينِ لَمْ ... يَقَعْ مِنْ الْحَاجَةِ عِنْدَ مَنْ حَكَمَ
يُرِيدُ أَنَّ الْحُكَّامَ أَيْ الْقُضَاةَ لَمْ يُرَخِّصُوا فِي بَيْعِ مَا حُبِسَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْ أَجْلِ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ كَالْجُوعِ مَثَلًا إذَا وَقَعَ وَخِيفَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَكُنْ فِي غَلَّةِ الْحَبْسِ مَا يَسُدُّ خَلَّتَهُمْ وَيَرُدُّ جَوْعَتَهُمْ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ، وَهُوَ مِنْ نَمَطِ مَا قَدَّمْنَا نَقْلَهُ عَنْ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَرَهْنُ مَنْفَعَةِ حَبْسِ الْبَيْتِ مِنْ أَنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ إذَا ضَاعَ فِي زَمَنِ الْمَسْغَبَةِ وَاضْطُرَّ لِبَيْعِ الْحَبْسِ لَمْ يَفْتَحْ لَهُ قُضَاةُ الْوَقْتِ بَابًا إلَى ذَلِكَ، وَكَأَنَّ النَّاظِمَ قَصَدَ بِهَذَا الْبَيْتِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ فَتْوَى الشَّيْخِ ابْنِ مَحْسُودٍ بِجَوَازِ الْبَيْعِ لِذَلِكَ لَمْ يَجْرِ بِهَا عَمَلٌ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ اقْتَصَرَ عَلَى نَقْلِهَا مُسَلَّمَةً فَقَدْ قِيلَ إنَّ ابْنَ مَحْسُودٍ