للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَنْ فُقِدَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَلَا يُعْرَفُ قَتْلُهُ، وَمَا يُفْعَلُ بِامْرَأَتِهِ، وَفِي مَالِهِ فَقَالَ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ الْمُعَدَّلَةِ أَنَّهُ شَهِدَ الْمَعْرَكَةَ فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَعْتَدُّ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمُعْتَرَكُ، وَيُقَسَّمُ مَالُهُ، وَهُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ، وَإِذَا كَانُوا إنَّمَا رَأَوْهُ خَارِجًا مَعَ الْعَسْكَرِ، وَلَمْ يَرَوْهُ فِي الْمُعْتَرَكِ فِي الْقِتَالِ إلَّا أَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَيْهِ خَارِجًا فِي جُمْلَةِ النَّاسِ فَإِنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ الْمَفْقُودِ، وَيُضْرَبُ لِامْرَأَتِهِ أَجَلٌ أَرْبَعُ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ثُمَّ تَتَزَوَّجُ، وَيُوقَفُ مَالُهُ إلَى الْأَمَدِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَيْهِ فَحَالُ هَذَا الْمَفْقُودِ فِي الْفِتَنِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمُعْتَرَكِ غَيْرُ حَالِ الْمَفْقُودِ؛ إذْ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْمَيِّتِ إذْ ذَاكَ لِمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ مَاتَ فِيهَا، وَذَلِكَ كَمَنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مَاتَ فِيهَا بِالْمُعَايَنَةِ.

وَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ بِالسَّمَاعِ أَنَّهُ مَاتَ فِي الْمُعْتَرَكِ فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ، وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْمَيِّتِ إذْ ذَاكَ.

وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ الْحَاجِّ سُئِلَ سَحْنُونٌ فِي رَجُل شَهِدَ بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي الْمُسْتَفِيضِ أَنَّهُ اُسْتُشْهِدَ فِي، وَقْعَةِ قُتُنْدَةَ، وَثَبَتَ عِنْدَ آخَرَ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ فِي الْعَسْكَرِ هَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْمَفْقُودِ أَوْ بِمَوْتِهِ الْآنَ فَقَالَ: يُحْكَمُ بِمَوْتِ الرَّجُلِ فِي تَارِيخِ ثُبُوتِ مَوْتِهِ عَلَى السَّمَاعِ، وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْأَحْيَاءُ يَوْمئِذٍ، وَلَا يَحْكُمُ بِمَوْتِهِ الْآنَ، وَلَا يُعَمَّرُ كَمَا يُعَمَّرُ الْمَفْقُودُ، وَلَيْسَ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةٌ فِي مَالِهِ، وَهِيَ كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا.

وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ إنَّمَا يُؤَجَّلُ مَفْقُودُ الْمُعْتَرَكِ سَنَةً ثُمَّ يُوَرَّثُ مَالُهُ بَعْدُ، وَيُقَسَّمُ مَالُ الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، وَفُقِدَ، وَكَذَلِكَ الْمَفْقُودُ فِي قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ رُئِيَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَفْقُودِ فِي غَيْرِ الْمُعْتَرَكِ، وَلَا يُوَرَّثُ إلَّا بَعْدَ التَّعْمِيرِ، وَإِذَا نُعِيَ لِلْمَرْأَةِ زَوْجُهَا فَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَإِنَّ نِكَاحَ الثَّانِي يُفْسَخُ، وَتَسْتَبْرِئُ مِنْهُ، وَتُرَدُّ إلَى زَوْجِهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ.

قَالَ: أَبُو عِمْرَانَ: وَلَوْ ثَبَتَ مَوْتُهُ عِنْدَهَا بِرَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَتَزَوَّجَتْ، وَلَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ لَمْ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَكُونَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَإِذَا كَانَ الْمَفْقُودُ عَبْدًا ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ أَجَلِ الْحُرِّ فَإِنْ كَانَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ فَلَا يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ، وَهَلْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْهُ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ، وَقَالَ: فِي الْمَجْمُوعِ لِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي، وَالْوَالِي، وَوَالِي الْمَاءِ، وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَتُؤَجَّلُ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا، وَلَمْ تَخَفْ زِنًا، وَإِلَّا فَلَهَا تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ اهـ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ قَالَ لَهُ آخَرُ طَلِّقْ زَوْجَتَك مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ لَا مِنْ بَابِ الْإِكْرَاهِ فَقَالَ لَا أُطَلِّقُهَا، وَكَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ الْتَفَتَ لِزَوْجَتِهِ، وَقَالَ: لَهَا رُوحِي لِحَالِك، وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ الْآمِرِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، وَيَصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ، وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ لُزُومُ الطَّلَاقِ بِهَا عَلَى النِّيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[رَجُل طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ قَالَ لَهَا قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ إنْ كُنْتِ عَلَى ذِمَّتِي فَأَنْت طَالِقٌ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، ثُمَّ قَالَ لَهَا: قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ إنْ كُنْتِ عَلَى ذِمَّتِي فَأَنْت طَالِقٌ فَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ هَذَا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ، وَلِأَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ بَانَتْ مِنْهُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: ابْنُ عَرَفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>