صَحِيحٌ اهـ.
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّجْشِ وَقَالَ فِي إجَازَتِهِ فِي مَسْأَلَةِ الدِّينَارِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ لَيْسَ عَلَى الْكَفِّ لِذَاتِهِ بَلْ لِرَجَاءِ حُصُولِ السِّلْعَةِ وَهِيَ قَدْ لَا تَحْصُلُ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إنَّمَا يَجُوزُ فِي سُؤَالِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ التَّرْكُ تَفَضُّلًا، وَلَوْ كَانَ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ دُلْسَةٌ مَنَعَهُ بِالدِّينَارِ خِلَافَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ اهـ.
قُلْت: وَالرِّوَايَةُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا ابْنُ رُشْدٍ هِيَ مَا ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةٍ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَالَ وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: الْمُبْتَاعُ لِرَجُلٍ حَاضِرٍ كُفَّ عَنِّي لَا تَزِدْ عَلَيَّ فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ بِالْأَمْرِ الْعَامِّ وَكُرِهَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: كُفَّ عَنِّي وَلَك نِصْفُهَا وَتَدْخُلُهَا الدُّلْسَةُ اهـ.
[الْخُلْعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ]
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) لَا يُشْتَرَطُ ظُهُورُ الْمَنْفَعَةِ بَلْ يَكْفِي مَظِنَّتَهَا؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا يَتَوَقَّعُ فِيهِ مَصْلَحَةً وَلِذَلِكَ أَجَازُوا الْخُلْعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَجَعَلُوهُ لَازِمًا بَلْ قَالُوا: إنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حِيَازَةٍ وَلَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَالْفَلْسِ، فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِرَجُلٍ طَلِّقْ زَوْجَتَك وَلَك عِنْدِي كَذَا وَكَذَا، أَوْ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا وَطَلَّقَهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ. قَالَ فِي رَسْمِ بَاعَ غُلَامًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَسَأَلَ عَنْ الرَّجُلِ الْحُرِّ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِهِ أَنِفَ فَقَالَ لَهُ طَلِّقْهَا، وَأَنَا أَكْتُبُ لَك كِتَابًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فِي نِكَاحِ امْرَأَةٍ إذَا بَدَا لَك أَنْ تَتَزَوَّجَ فَطَلَّقَهَا وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَابًا وَأَقَامَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ لَا يَتَزَوَّجُ ثُمَّ إنَّ الْجَارِيَةَ أُعْتِقَتْ وَتَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَارْتَجَعَهَا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ مَاتَ الَّذِي ضَمِنَ الْمَالَ أَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ قَدْ تَقَادَمَ ذَلِكَ فَلَا أَرَى لَهُ حَقًّا فِي مَالِهِ وَلَا أَرَى لَك أَنْ تَدْخُلَ فِي مِثْلِ هَذَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ فِي قَوْلِهِ: " قَدْ تَقَادَمَ هَذَا فَلَا أَرَى لَهُ حَقًّا " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَقَادَمْ لَوَجَبَ لَهُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ إذَا تَزَوَّجَ بِالْقُرْبِ، وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ هِبَةً تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ ذَلِكَ عَلَى شَرْطِ الطَّلَاقِ فَصَارَ ثَمَنًا لِلطَّلَاقِ وَيَجِبُ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيُحَاصِصْ الْغُرَمَاءُ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَفِي الْعَشَرَةِ لِلَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي مَالِهِ بَعْدَ الْوَفَاةِ فَرَآهُ كَالْعَطِيَّةِ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ، وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُعْطِي امْرَأَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ دَارِهِ عَلَى أَنْ تُسْلِمَ هَلْ هِيَ ثَمَنٌ لِإِسْلَامِهَا فَلَا تَحْتَاجُ فِيهَا إلَى حِيَازَةٍ، أَوْ عَطِيَّةٌ تَفْتَقِرُ إلَى حِيَازَةٍ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى الْمَسْأَلَةُ الْوَاقِعَةُ فِي رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ.
قَوْلُهُ احْلِفْ لِي أَنَّك لَمْ تَشْتُمنِي وَلَك كَذَا وَكَذَا فَيَدْخُلُهُ الْقَوْلَانِ قَالَ فَكَانَ الْأَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنْ تَجِبَ لَهُ الْمِائَةُ تَقَادَمَ الْأَمْرُ أَمْ لَمْ يَتَقَادَمْ لِقَوْلِهِ فِيهَا إذَا بَدَا لَك؛ لِأَنَّ إذَا ظَرْفٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ الزَّمَانِ، وَلَوْ عَلَّقَ الْعَطِيَّةَ بِالتَّزْوِيجِ دُونَ الطَّلَاقِ فَقَالَ إنْ تَزَوَّجَتْ فَلَكَ دَارِي الْفُلَانِيَّةُ، أَوْ فَلَكَ قِبَلِي كَذَا وَكَذَا لَكَانَ ذَلِكَ أَمْرًا لَازِمًا لَهُ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى حِيَازَةٍ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِالْقُرْبِ عَلَى هَذِهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ إنْ تَزَوَّجْت فَأَنَا أُعْطِيَك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute