لِنَقْدِ الصَّانِعِ جِنْسًا امْتَنَعَتْ الصُّورَةُ الْأُولَى لِلنِّسَاءِ وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[بَيْعِ حُلِيِّ الْفِضَّةِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي بَيْعِ حُلِيِّ الْفِضَّةِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَطَعَامٍ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ مُسَاوَمَةُ الْحُلِيِّ بِالطَّعَامِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، أَوْ يَجُوزُ مُسَاوَمَتُهُ بِدَرَاهِمَ عَلَى شَرْطٍ يَدْفَعُ الْمُشْتَرِي عَنْهَا قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الطَّعَامِ بِحَسَبِ سِعْرِ الْوَقْتِ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ حُلِيِّ الْفِضَّةِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَالطَّعَامِ مُسَاوَمَتُهُ بِهِ ابْتِدَاءً بَلْ يَجُوزُ مُسَاوَمَتُهُ بِدَرَاهِمَ قَدْرَ وَزْنِهِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ عَلَى شَرْطِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ عَنْهَا قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الطَّعَامِ بِحَسَبِ سِعْرِهِ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ فِي الْوَقْفِ إذَنْ الْمُثَمَّنُ الْحُلِيُّ، وَالثَّمَنُ الطَّعَامُ وَالدَّرَاهِمُ الْمُسَاوَمُ بِهَا إنَّمَا هِيَ آلَةٌ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الطَّعَامِ وَقِيمَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِذِكْرِهَا فِي الْعَقْدِ ابْتِدَاءً لِخُرُوجِهَا عَنْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَلَا تُؤَدَّى الْمُسَاوَمَةُ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِرِبَا الْفَضْلِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[مَسَائِلُ السَّلَمِ]
[رَجُلٍ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ لِرَجُلٍ فِي إرْدَبٍّ مِنْ الْقَمْحِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَعِنْدَ الْأَجَلِ عَجَزَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ السَّلَمِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ لِرَجُلٍ فِي إرْدَبٍّ مِنْ الْقَمْحِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَعِنْدَ الْأَجَلِ عَجَزَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَنْ دَفْعِ الْإِرْدَبِّ فَأَقَالَهُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ وَأَخَذَ مِنْهُ نَخْلًا فِي نَظِيرِ الدَّرَاهِمِ حَالَ الْإِقَامَةِ عَلَى جِهَةِ الْبَيْعِ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟
فَأَجَابَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَلِيمِ الْفَيُّومِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ حَيْثُ عَجَزَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَنْ الْإِرْدَبِّ الْقَمْحِ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِ إلَّا دَرَاهِمُهُ وَإِنْ كَانَ عَجَزَ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَدَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا فِي نَظِيرِهَا جَازَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْت وَهَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَمْحَ لَيْسَ مِنْ الثَّمَرَاتِ الَّتِي لَهَا إبَّانٌ يَتَعَذَّرُ تَحْصِيلُهَا فِي غَيْرِهِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ عَجْزُهُ عَنْ الْقَمْحِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّرَاهِمِ فَمَتَى قَدَرَ عَلَى الدَّرَاهِمِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقَمْحِ فَيُكَلَّفُ بِشِرَائِهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَتَوْفِيَتِهِ لِلْمُسْلِمِ الثَّانِي كَذَلِكَ إذْ الدَّرَاهِمُ لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْإِبَّانِ فَمَتَى كَانَ عِنْدَهُ مُقَوَّمٌ، أَوْ مِثْلِيٌّ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا بِبَيْعِهِ فَلَوْ فَرَضَ وُجُوبَهَا عَلَيْهِ لَمْ يُتَصَوَّرْ عَجْزُهُ عَنْهَا وَعِنْدَهُ مَا ذُكِرَ وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى آخِذِ النَّخْلِ بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ أَخْذَ النَّخْلِ مَمْنُوعٌ وَالْجَائِزَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا أَخْذُ الْإِرْدَبِّ وَإِمَّا الْإِقَالَةُ عَلَى الدَّرَاهِمِ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانَ مِنْ الْمُسْلِمِ الْحَقِيقِيِّ، أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ مَأْمُونَةٍ صَغِيرَةٍ، أَوْ كَبِيرَةً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ لِقَابِلٍ، وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ وَجَبَ التَّأْخِيرُ إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَلَا يَأْخُذُ بَدَلَ الْقِيمَةِ فِي سَلَمِ الطَّعَامِ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ عَلَى نَفْسِ الثَّمَنِ فَقَدْ سَبَقَ جَوَازُهَا وَإِنْ غَفَلَ لِقَابِلٍ فَلَا فَسْخَ كَأَنْ سَكَتَ الْمُشْتَرِي حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ لِتُهْمَةِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ اهـ.
وَالشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَأْخُذُ بَدَلَ الْقِيمَةِ إلَخْ وَفِي الْخَرَشِيِّ وَإِذَا تَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِبَقِيَّةِ رَأْسِ مَالِهِ عَرَضًا وَلَا غَيْرَهُ