إنْ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ إنْ انْتَقَدَ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ فَلِلْمُبْتَاعِ أَيْ بِيَمِينِهِ.
ابْنُ نَاجِيٍّ هُوَ الْمَشْهُورُ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى لَا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى اهـ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ نَخْلَاتٍ بِعَيْنِهَا، وَالْآخَرُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَهَذَا مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، وَالْقَوْلُ فِيهِ لِمُدَّعِيهَا كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّعْيِينِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[شِرَاءِ لَحْمِ الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا]
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَنْ شِرَاءِ لَحْمِ الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا، وَمُعَامَلَةِ مَنْ فِي مَالِهِ الْحَرَامُ، وَالْأَكْلُ عِنْدَهُ هَلْ تَجُوزُ أَمْ لَا.
(فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ) شِرَاءُ لَحْمِ الشَّاةِ الَّتِي ذَبَحَهَا الْغَاصِبُ فِيهِ خِلَافٌ مَنَعَهُ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَالْبَدْر الْقَرَافِيُّ، وَالنَّاصِرُ اللَّقَّانِيُّ، وَأَجَازَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ، وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِ الْمِعْيَارِ، وَغَيْرِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ صَرِيحُ الْفِقْهِ.
وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ مُلَخَّصًا أَنَّ ذَبْحَ الْحَيَوَانِ يُوجِبُ لِمَالِكِهِ الْخِيَارَ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ وَأَخْذِهِ مَذْبُوحًا مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَخِيرَتُهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ فَإِنْ اخْتَارَ الْمَالِكُ أَخْذَ حَيَوَانِهِ مَذْبُوحًا فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مُعَارَضَتُهُ، وَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ إلَّا بِرِضَاهُ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ فَلَهُ مَنْعُ الْغَاصِبِ مِنْ التَّصَرُّفِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ حَقَّهُ أَوْ يَتَوَثَّقَ مِنْهُ بِنُحُورِهِنَّ فَإِنْ مَنَعَ الْغَاصِبَ مِنْ التَّصَرُّفِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ شِرَاءٌ مَعَ الْعِلْمِ، وَإِنْ لَمْ يُمْنَعْ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا يَحِلُّ بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ عِنْدَ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ، وَمَنْ مَعَهُ، وَيَحِلُّ عِنْدَ ابْنِ نَاجِيٍّ، وَمَنْ مَعَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَهَكَذَا كُلُّ مُقَوَّمٍ دَخَلَهُ مُفَوِّتٌ.
وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ: وَجَازَ تَمَلُّكُ مَا دَخَلَ ضَمَانَ الْغَاصِبِ بِمُفَوِّتٍ، وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَاقِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ، وَمَلَكَهُ إنْ اشْتَرَاهُ أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ أَوْ حَكَمَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ بِهَا لِفَوْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَغْرَمْهَا بِالْفِعْلِ، وَلَا حَكَمَ عَلَيْهِ بِهَا قَاضٍ اهـ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي اهـ لَكِنْ مَا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ، وَالشَّيْخُ الْأَمِيرُ، وَبِالْجُمْلَةِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ شِرَاءَ لَحْمِ الشَّاةِ الَّتِي ذَبَحَهَا الْغَاصِبُ إنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ رَبُّهَا لِإِرَادَةِ أَخْذِهَا أَوْ لِلتَّوَثُّقِ جَائِزٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمُعَامَلَةُ مَنْ فِي مَالِهِ الْحَرَامُ قَدْ اسْتَوْفَى الْكَلَامَ عَلَيْهَا ابْنُ جُزَيٍّ فِي الْقَوَانِينِ، وَنَصُّهُ مَسْأَلَةٌ فِي مُعَامَلَةِ أَصْحَابِ الْحَرَامِ، وَيَنْقَسِمُ مَالُهُمْ قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ السَّارِقِ أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ شِرَاؤُهُ مِنْهُ، وَلَا الْبَيْعُ بِهِ إنْ كَانَ عَيْنًا، وَلَا أَكْلُهُ إنْ كَانَ طَعَامًا، وَلَا لِبَاسُهُ إنْ كَانَ ثَوْبًا، وَلَا قَبُولُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هِبَةً، وَلَا أَخْذُهُ فِي دَيْنٍ، وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ بِكَوْنِ الْحَرَامِ قَدْ فَاتَ فِي يَدِهِ، وَلَزِمَ ذِمَّتَهُ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَى مَالِهِ الْحَلَالَ فَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ مُعَامَلَتَهُ، وَحَرَّمَهَا أَصْبَغُ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَى مَالِهِ الْحَرَامَ فَتَمْتَنِعَ مُعَامَلَتُهُ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالتَّحْرِيمُ عِنْدَ أَصْبَغَ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ كُلُّهُ حَرَامًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَطُّ مَالٌ حَلَالٌ حُرِّمَتْ مُعَامَلَتُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَلَالٌ إلَّا أَنَّهُ اُكْتُسِبَ مِنْ الْحَرَامِ مَا أَرْبَى عَلَى مَالِهِ، وَاسْتَغْرَقَ ذِمَّتَهُ فَاخْتُلِفَ فِي مُعَامَلَتِهِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ مُعَامَلَتِهِ بِعِوَضٍ فَتَجُوزُ كَالْبَيْعِ وَبَيْنَ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا تَجُوزُ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَنْ اسْتَغْرَقَتْهُ التَّبِعَاتُ فِي مَالِهِ لَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ، وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، وَمَالُهُ حَيْثُ تَعَذَّرَ الرَّدُّ لِأَرْبَابِهِ صَدَقَةٌ أَوْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ، وَكُرِهَ مُعَامَلَتُهُ إنْ غَلَبَتْ التَّبِعَاتُ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَدَدًا مِنْ رَقِيقٍ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَسَافَرَ فِي الْبَحْرِ قَبْلَ تَمَامِ زَمَنِ الْعُهْدَةِ، وَبَعْدَ يَوْمَيْنِ، وَجَدَ بِبَعْضِ الْإِمَاءِ حَمْلًا ظَاهِرًا فَأَشْهَدَ رُفَقَاءَهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا وَصَلَ إلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ عَرَضَهَا لِلْبَيْعِ فَكُلُّ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى حَمْلِهَا يَأْبَى شِرَاءَهَا ثُمَّ بَاعَهَا الشَّخْصُ فَأَسْقَطَهُ، وَبَاعَ الشَّخْصُ بِضِعْفِ مَا اشْتَرَاهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute