يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الصَّرِيحِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ خِلَافَ مَعْنَاهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِدُخُولِ الْكِسْوَةِ فِي مُسَمَّى النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ مُسَمَّاهَا لَزِمَ، وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ إنَّمَا أَرَدْت الْإِطْعَامَ كَمَا لَوْ قَالَ مَا أَرَدْت إلَّا الْكِسْوَةَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَفْظُ النَّفَقَةِ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ وَيُطْلَقُ عَلَى الْإِطْعَامِ وَحْدَهُ وَادَّعَى الْمُلْتَزِمُ أَنَّهُ أَرَادَهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ مَرْجُوحًا؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ وَكُلُّ مُتَطَوِّعٍ مُصَدَّقٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ زَرِبٍ فَلَا يَلْزَمُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَرَادَ إذَا كَانَ لَفْظُهُ صَالِحًا لِمَا ادَّعَاهُ، وَأَمَّا إذَا قَالَ مَا أَرَدْت إلَّا الْكِسْوَةَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ النَّفَقَةِ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْكِسْوَةِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْهُ. وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا إثْرَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّقْلِ صَحِيحٌ لَكِنْ إذَا ثَبَتَ النَّقْلُ عُمِلَ بِهِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ الِاسْتِعْمَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[طَاعَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ بِجَمِيعِ مُؤْنَةِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ، وَإِنْ طَاعَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ بِجَمِيعِ مُؤْنَةِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ كِسْوَةٍ وَغَيْرِهَا مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا لَزِمَهُ، وَلَا يَكُونُ هَذَا الشَّرْطُ إلَّا عَلَى الطَّوْعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ، وَلَوْ كَانَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لَمْ يَجُزْ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِالدُّونِ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ رَجَعَتْ بِنَفَقَتِهِ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ وَتَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صَدَاقِهَا، وَإِنَّمَا تَأْخُذُهَا عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَتْ.
وَقَالَ ابْنُ زَرِبٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا وَيَفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. اهـ
وَقَوْلُهُ فِي مُخْتَصَرِهَا أَوَّلًا وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِالدُّونِ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْتُهَا وَصَوَابُهُ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى وَلَفْظُ الْمُتَيْطِيَّةِ وَلَوْ كَانَ يَعْنِي الشَّرْطَ فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ لَمْ يَجُزْ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَبَطَلَ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ حَطَّتْ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَجْلِ هَذَا الشَّرْطِ، فَإِنْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى لَمْ تَنْقُصْ عَنْهُ.
قُلْت، وَأَصْلُ مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ فِي رَسْمِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ فِي الْمَرْأَةِ تَشْتَرِطُ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى ابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ أَوْ عَلَى مَنْ لَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ مِنْ خَدَمِهَا أَنَّهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ أَسْقَطَتْ الْمَرْأَةُ شَرْطَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِمَا وَضَعَتْ.
وَعَنْ أَصْبَغَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يُفْسَخُ إذَا أَسْقَطَتْ الْمَرْأَةُ شَرْطَهَا. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْفَسَادُ فِيهِ بَيِّنٌ لِاشْتِرَاطِهَا نَفَقَةً مَجْهُولَةً غَيْرَ مَحْدُودَةٍ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ. قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الشَّقَّاقِ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ هَذَا النِّكَاحَ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute