وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ نَحْوَ كُرَّاسٍ فَصْلٌ: وَيُقَالُ إنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ تُضِيفُ إلَى مَا هِيَ فِيهِ مِنْ الْبَاطِلِ اسْتِحْضَارَ الْمُرْدِ فِي مَجَالِسِهِمْ وَالنَّظَرَ فِي وُجُوهِهِمْ وَرُبَّمَا زَيَّنُوهُمْ بِالْحُلِيِّ وَالْمُصْبَغَاتِ مِنْ الثِّيَابِ وَتَزْعُمُ أَنَّهَا تَقْصِدُ بِذَلِكَ الِاسْتِدْلَالَ بِالصَّنْعَةِ عَلَى الصَّانِعِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الْقُشَيْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مِنْ رُؤَسَاءِ وَطَائِفَتِهِمْ قَوْلًا عَظِيمًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَكَشْفِ فَضَائِحِهِمْ وَمَنْ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَبْدٌ أَهَانَهُ اللَّهُ وَخَذَلَهُ وَكَشَفَ عَوْرَتَهُ وَأَبْدَى سَوْأَتَهُ فِي الْعَاجِلِ وَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ سُوءُ الْمُنْقَلَبِ فِي الْآجِلِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَتَهُ فَلَيْسَ مِنَّا» .
خَبَّبَ أَيْ أَفْسَدَ وَخَدَعَ وَأَصْلُهُ مِنْ الْخِبِّ وَهُوَ الْخِدَاعُ وَيُقَالُ فُلَانٌ خِبٌّ هِبٌّ إذَا كَانَ فَاسِدًا مُفْسِدًا قَالَ الْوَاسِطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصُّوفِيَّةِ إذَا أَرَادَ اللَّهُ هَوَانَ عَبْدٍ أَلْقَاهُ إلَى هَؤُلَاءِ لَأَنْتَانِ الْجِيَفِ أَوْ لَمْ تَسْمَعُوا إلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: ٣٠] «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَك الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَك الْآخِرَةُ» وَقَالَ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ بَعْضُ التَّابِعِينَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحِدَّ الرَّجُلُ النَّظَرَ إلَى الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ الْوَجْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِلشَّيْطَانِ مِنْ الرَّجُلِ ثَلَاثَةُ مَنَازِلَ فِي نَظَرِهِ وَقَلْبِهِ وَذَكَرِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ نَظْرَةٍ يَهْوَاهَا الْقَلْبُ لَا خَيْرَ فِيهَا.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَبِثَ بِغُلَامٍ بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ يُرِيدُ الشَّهْوَةَ لَكَانَ لِوَاطًا.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُجَالِسُوا أَبْنَاءَ الْأَغْنِيَاءِ فَإِنَّ لَهُمْ صُوَرًا كَصُوَرِ النِّسَاءِ وَهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنْ الْعَذْرَاءِ قَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ مَا أَنَا بِأَخْوَفَ مِنْ الشَّابِّ النَّاسِكِ مِنْ سَبُعٍ ضَارٍ عَلَيْهِ مِنْ الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ يَقْعُدُ إلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اللُّوطِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ يَنْظُرُونَ وَصِنْفٌ يُصَافِحُونَ وَصِنْفٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَاءَ إلَيْهِ رَجُلٌ وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ حَسَنُ الْوَجْهِ فَقَالَ لَا تَجِئْنِي بِهِ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى فَقِيلَ إنَّهُ ابْنُهُ وَهُمَا مَسْتُورَانِ فَقَالَ عَلِمْت وَلَكِنْ عَلَى رَأْيِ أَشْيَاخِنَا وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صَاحِبُ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ أَرْبَعِينَ سَنَةٍ فَجَاءَهُ غُلَامٌ حَدَثٌ لِيَجْلِسَ إلَيْهِ فَأَجْلَسَهُ مِنْ خَلْفِهِ انْتَهَى بَعْضُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
[تَعَرَّضَ لِشَخْصِ فِي مَحِلّ مُظْلِمٍ وَصَرَخَ فِي وَجْهِهِ فَمَاتَ أَوْأَوْرَثَهُ فِي عَقْلِهِ خَلَلًا]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ تَعَرَّضَ لِشَخْصٍ فِي مَحِلٍّ مُظْلِمٍ وَصَرَخَ فِي وَجْهِهِ فَمَاتَ أَوْ أَوْرَثَهُ فِي عَقْلِهِ خَلَلًا فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ سُقُوطٍ اُقْتُصَّ مِنْ الصَّارِخِ بِلَا قَسَامَةٍ وَإِنْ سَقَطَ وَمَاتَ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِقَسَامَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ سُقُوطٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ طَلَبَ شَخْصًا وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَمَسْأَلَةِ مَنْ رَمَى شَخْصًا عَلَى حَائِطٍ فَحَادَ فَسَقَطَ مَاتَ.
وَفِي الْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا الْقَتْلُ بِالْحَالِ فَفِي عَبْدِ الْبَاقِي وَغَيْرِهِ الْقِصَاصُ قِيَاسًا عَلَى الْعَائِنِ الْمُجَرَّبِ وَاسْتَبْعَدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute