[مَسَائِلُ الْوَدِيعَةِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الْوَدِيعَةِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مَعَهُ حَمِيرٌ حَامِلَةُ تِبْنٍ فَبَاعَ مِنْهَا حِمْلًا لِرَجُلٍ آخَرَ وَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَبْقِ الْحِمَارَ عِنْدَك حَتَّى أَرْجِعَ إلَيْك فَأَخَذَهُ مُشْتَرِي التِّبْنِ وَأَدْخَلَهُ مَكَانًا وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَتَسَرَّبَ الْحِمَارُ مِنْ الْمَكَانِ وَضَاعَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَمِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ فَهَلْ يَضِيعُ عَلَى رَبِّهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَمِينِ الْمَذْكُورِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَضِيعُ عَلَى رَبِّهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَمِينِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَاهُ الضَّيَاعَ بِلَا تَفْرِيطٍ بِلَا يَمِينٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا عِنْدَ النَّاسِ، وَلَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ رَبُّ الْحِمَارِ دَعْوَى عَدَمِ الضَّيَاعِ أَوْ التَّفْرِيطِ فَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ دَعْوَى مَا ذُكِرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا لَكِنْ بِيَمِينٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَلَفَ أَيْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ إنْ نُوكِرَ فِي الضَّيَاعِ أَوْ التَّلَفِ إنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَوْ كَانَ مُتَّهَمًا عِنْدَ النَّاسِ وَفِي الرَّدِّ مُطْلَقًا وَلَا يُفِيدُ شَرْطُ أَنْ لَا يَمِينَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَلَوْ فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ كَمَا فِي الْمُحَشِّي تَبَعًا لِلرَّمَاصِيِّ انْتَهَى بِتَصَرُّفٍ وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَلَا تَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ بِاتِّفَاقٍ حَتَّى يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ خَاصَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ صَاحِبُهَا أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا وَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إشْهَادٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
(وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ رَجُلَيْنِ وَضَعَا أَمَانَةً عِنْدَ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ وَقَالَا لَهُ كُلُّ مَنْ جَاءَ يَأْخُذُ فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَأَخَذَ بَعْضَهَا وَجَاءَ الثَّانِي فَأَخَذَ الْبَاقِيَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْأَوَّلُ بَعْضَ مَا أَخَذَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمُودِعُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ اعْتَرَفَ الْآخَرُ بِالْإِذْنِ بِالدَّفْعِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ يُصَدَّقُ الْأَمِينُ فِي دَعْوَى رَدِّ الْأَمَانَةِ لِمَنْ ائْتَمَنَهُ وَيَحْلِفُ إنْ طَلَبَ تَحْلِيفَهُ فَيَبْرَأُ حِينَئِذٍ مِنْ جَمِيعِ الْأَمَانَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. .
[أَوْدَعَ جَارِيَةً عِنْدَ آخَرَ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ شَيْئًا تَحْتَ نَفَقَتِهَا فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً تَسْتَغْرِقُ ثَمَنَهَا]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى فَحْلَةَ جَامُوسٍ وَوَضَعَهَا عِنْدَ وَالِدِهِ وَإِخْوَتِهِ وَصَارُوا يُنْفِقُونَ عَلَيْهَا حَتَّى صَارَتْ ذَاتَ لَبَنٍ وَأَوْلَادُهُمْ يَأْخُذُونَ لَبَنَهَا وَسَمْنَهَا فَهَلْ إذَا أَرَادَ أَخْذَ الْجَامُوسَةِ وَأَوْلَادَهَا لَهُ ذَلِكَ وَهَلْ تَكُونُ النَّفَقَةُ فِي نَظِيرِ غَلَّتِهَا أَوْ يُحَاسِبُونَهُ وَيُحَاسِبُهُمْ بِالْغَلَّةِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَهُ أَخْذُ الْجَامُوسَةِ وَأَوْلَادِهَا ثُمَّ إنْ كَانَ عُرْفُهُمْ جَارِيًا بِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ وَالْمُسَامَحَةِ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَلَا مُحَاسَبَةَ وَتَكُونُ النَّفَقَةُ فِي الْغَلَّةِ، وَإِلَّا فَلَهُمْ مُحَاسَبَتُهُ بِالنَّفَقَةِ وَلَهُ مُحَاسَبَتُهُمْ بِالْغَلَّةِ فَإِنْ صَدَّقَهُمْ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ عَلَى إدَامَةِ النَّفَقَةِ وَقَدْرِهَا الْمُشَبَّهِ كَمَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ فِي نَوَازِلِهِ وَنَصَّهُ وَسُئِلَ عَمَّنْ أَوْدَعَ جَارِيَةً عِنْدَ آخَرَ، وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ شَيْئًا تَحْتَ نَفَقَتِهَا فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً تَسْتَغْرِقُ ثَمَنَهَا فَهَلْ لِلْمُنْفِقِ الرُّجُوعُ بِجَمِيعِ مَا أَنْفَقَهُ لِقِيَامِهِ بِوَاجِبٍ عَنْ سَيِّدِ الْجَارِيَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا لِكَوْنِهِ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَهَلْ تَكُونُ هَذِهِ قَاعِدَةً فِي كُلِّ مُنْفِقٍ عَلَى ذِي رُوحٍ تُمْلَكُ سَوَاءٌ كَانَ إنْسَانًا أَوْ دَابَّةً وَهَلْ اللُّقَطَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute