كَذَلِكَ حُرًّا كَانَ أَوْ مَمْلُوكًا أَمْ لَا. فَأَجَابَ نَعَمْ لِمَنْ عِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا عَلَى رَبِّهَا بَعْدَ أَنْ يُحَلِّفَ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً، وَإِنْ قَدَّرَهَا كَذَا حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ رَبُّهَا فِي ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا يَدَّعِيهِ مُشَبَّهًا وَأَنْ لَا يَكُونَ سَرَفًا ثُمَّ إنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ وَلَوْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَلَيْسَ لِرَبِّهَا تَرْكُهَا لِمَنْ هِيَ عِنْدَهُ فِي نَفَقَتِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُلْتَقَطَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ لِرَبِّهَا أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْمُلْتَقِطِ فِي نَفَقَتِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْوَدِيعَةِ لَمَّا تَرَكَهَا تَحْتَ حِرْزِهِ فَكَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ وَمَنْ الْتَقَطَ صَغِيرًا حُرًّا وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى أَبِيهِ إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلَيْنِ لَهُمَا غَلَّةٌ فِي الْجَرِينِ فَتَرَكَاهَا وَهَرَبَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا مَطْلُوبَانِ بِقَدْرٍ مِنْ الْغَلَّةِ لِلدِّيوَانِ فَطَلَبَ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ مِنْ مَشَايِخِ النَّاحِيَةِ فَأَقَامُوا رَجُلًا مِنْ أَقَارِبِ الْهَارِبِينَ وَكِيلًا عَلَى الْغَلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَتُصَرَّفَ فِيهَا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ رَجَعَ الرَّجُلَانِ وَطَلَبَا الْغَلَّةَ مِنْ الْوَكِيلِ فَادَّعَى أَنَّهُ أَوْدَعَهَا عِنْدَ أَمِينٍ فَأَنْكَرَ الْأَمِينُ ذَلِكَ فَهَلْ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ شَيْخُنَا حَسَنٌ الْأَبْطَحِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا لَمْ يَشْهَدْ عَدْلَانِ عَلَى الْأَمِينِ بِمَا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِشَهَادَةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ عَلَى رَبِّهَا دَيْنٌ لِآخَرَ وَهَرَبَ فَهَلْ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَخْذُ الْوَدِيعَةِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا دَيْنَهُ وَلَا يَكُونُ الْمُودِعُ مُتَعَدِّيًا يَدْفَعُهَا لَهُ أَمْ لَا.
فَأَجَابَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الطَّحْلَاوِيُّ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ هَرَبَ الْمُودِعُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ثَابِتٌ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَخَذَ مِنْ ثَمَنِ الْوَدِيعَةِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ وَلَا يَكُونُ الْمُودِعُ مُتَعَدِّيًا فِي دَفْعِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَعَرَّضَ لِصَبِيٍّ وَأَخَذَ مِنْهُ مَتَاعًا وَدِيعَةً يَحْفَظُهَا لَهُ وَالْحَالُ أَنَّ وَلِيَّهُ أَرْسَلَهُ لِآخَرَ يُودِعُهُ عِنْدَهُ فَهَلْ إذَا ضَاعَ الْمَتَاعُ مِنْ عِنْدِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ لِتَعَدِّيهِ حَيْثُ اسْتَوْدَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ إذَا عَلِمَ الْوَلِيُّ بِالْإِيدَاعِ وَسَكَتَ حَتَّى ضَاعَ يَنْتَفِي عَنْهُ الضَّمَانُ أَمْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْأَبِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعِهَا عِنْدَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَضَاعَتْ ضَمِنَهَا الْمُودَعُ بِغَيْرِ الْوَلِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَوْدَعَ نَعْجَةً عِنْدَ آخَرَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُسَرِّحَهَا مَعَ رَاعِي الْأَغْنَامِ فَسَرَّحَهَا مَعَهُ فَضَاعَتْ وَادَّعَى الرَّاعِي عَدَمَ مَجِيئِهَا إلَيْهِ وَالْمُودِعُ الْمَجِيءَ فَهَلْ الرَّاعِي مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَاهُ وَعَلَى الْمُودَعِ الضَّمَانُ.
فَأَجَابَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَلِيمِ الْفَيُّومِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ كَانَ مَعَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِالْإِعْطَاءِ لِلرَّاعِي ضَمِنَهَا الرَّاعِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَاهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ التَّعَدِّي أَوْ التَّفْرِيطُ وَانْظُرْ مَا يَتَعَلَّقُ بِضَمَانِ الرَّاعِي فِي مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ