مِنْ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِلْزَامَ الْحَالِفِ بِهَا الثَّلَاثُ، وَسُئِلَ عَنْهَا أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ فَقَالَ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الْوَاحِدَةَ عَلَيْهِ بِلَا شَكٍّ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ الثَّلَاثَ وَقَدْ. قِيلَ: إنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا سِوَى الِاسْتِغْفَارِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْأَبْهَرِيِّ، وَحَكَى أَيْضًا عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقِيلَ: الَّذِي يَجِبُ فِيهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ إطْعَامُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ حَكَى ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِيهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْإِشْبِيلِيِّ، وَالْقَوْلُ بِطَلَاقِ الثَّلَاثِ، وَطَلَاقِ السُّنَّةِ هُمَا أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ، وَأَشْبَهُ بِطَرِيقِ الْعِلْمِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ، وَالْقِيَاسِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَهُ نِيَّتُهُ بِاتِّفَاقٍ إذْ هِيَ مِنْ الْكِنَايَاتِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: فَإِنْ جَرَى بِهَا عُرْفٌ فِي بَلَدٍ مِنْ الْبِلَادِ كَانَ الْعَمَلُ فِيهَا بِحَسَبِ الْعُرْفِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ عِنْدَ دَعْوَى النِّيَّةِ الْمُخَالِفَةِ لِلْعُرْفِ قَالَ وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيهَا بِفَتْوَى غَرِيبَةٍ، وَهِيَ إنْ كَانَ الْحَالِفُ بِهَا مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ، وَالصَّلَاحِ، وَلَمْ يَعْتَدْ الْحَلِفَ بِهَا، وَإِنَّمَا خَرَجَتْ مِنْهُ عَلَى ضَجَرٍ فَتَلْزَمُهُ الْوَاحِدَةُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الدِّعَارَةِ، وَالشَّرِّ، وَمِمَّنْ يَصْرِفُ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ عِنْدِي اهـ. كَلَامُ ابْنِ سَلَّمُونِ.
[رَجُلٍ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَيَتَوَضَّأَنَّ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَسْتَنْجِ فَهَلْ يُبِرُّ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَيَتَوَضَّأَنَّ فَتَوَضَّأَ، وَلَمْ يَسْتَنْجِ فَهَلْ يُبِرُّ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ بَرَّ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ الْوُضُوءَ بِدُونِ اسْتِنْجَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَطْرًا مِنْ الْوُضُوءِ، وَلَا شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ نَعَمْ يُنْدَبْ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوُضُوءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنَا دَاخِلٌ دَارَ فُلَانٍ فَهَلْ إذَا دَخَلَهَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ فَقَطْ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟ .
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ تَلْزَمُهُ. الثَّلَاثُ، وَكَفَّارَةٌ فَقَطْ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ اتِّفَاقًا إذْ هِيَ مِنْ الْكِنَايَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَالطَّلَاقُ كَعُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ الْآنَ، وَإِلَّا لَزِمَهُ مُقْتَضَى الْحِنْثِ فِي كُلِّ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ، وَبِفَرْعٍ فِي لَا آكُلُ مِنْ كَهَذَا الطَّلْعِ إلَخْ هَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَوْلُهُ قَبْلَهُ، ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ إلَخْ، وَعَلَى اعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ هَلْ لَا يَحْنَثُ مَنْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا الطَّلْعِ أَوْ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ بِفَرْعِ كُلٍّ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ فِي زَمَانِنَا بِاسْتِعْمَالِ هَذَا اللَّفْظِ فِي خُصُوصِ الْأَصْلِ لَا فَرْعِهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute