للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ.

وَفِي بَعْضِ التَّأْلِيفِ وَسُئِلَ سَيِّدِي عَبْدُ الْعَزِيزِ الْفَرُّوجُ عَمَّنْ خَلَقَ امْرَأَةً فَهَرَبَتْ مَعَهُ وَهِيَ فِي عِصْمَةٍ وَكَانَتْ تَنْشِزُ عَنْ زَوْجِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا وَأَبِي أَهْلُهَا أَنْ يُزَوِّجُوهَا لِمَنْ هَرَبَتْ مَعَهُ فَأَجَابَ الَّذِي شَاهَدْت بِهِ الْفَتْوَى وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ مُنِعَ الْمُخَلَّقُ مِنْ تَزَوُّجِ مُخَلَّقَتِهِ وَفُسِخَ نِكَاحُهُ إنْ وَقَعَ اهـ.

وَفِي نُسَخِهِ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ هِلَالٍ مَا نَصُّهُ وَسُئِلَ ابْنُ هِلَالٍ عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ إلَى امْرَأَةٍ وَهِيَ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا وَقَالَ لَهَا إنْ طَلُقَتْ مِنْهُ تَزَوَّجْتُك، وَهَذَا الْمُفْسِدُ ذُو جَاهٍ فَوَقَعَتْ الْمُشَاجَرَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبِهِ وَطَلُقَتْ مِنْهُ وَتَزَوَّجَهَا الْمُفْسِدُ وَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا فَمَا الْحُكْمُ فِي نِكَاحِهَا وَأَوْلَادِهَا فَأَجَابَ الْأَوْلَادُ لَاحِقُونَ بِهِ لَيْسُوا بِأَوْلَادِ زِنَا، وَقَدْ فَعَلَ فِعْلًا ذَمِيمًا تَجِبُ عَلَيْهِ مِنْهُ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَتَحْلِيلُ الْمُطَلِّقِ اهـ، فَهَذِهِ الْفَتْوَى جَارِيَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ التَّأْبِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا بَعْضُ مَا قِيلَ فِي الْمُخَلَّقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَأَمَّا الْهَارِبُ، فَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ: إنْ كَانَ عَنْ تَخْلِيقٍ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ غَصْبٍ وَفَرَّ فَفِي شَأْنِهِ قَالَ الْهِلَالِيُّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّيُوخِ تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا إلَخْ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا عَدَمُ تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ كَمَا نَقَلَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ عَنْ السِّرَاجِ وَابْنِ هَارُونَ وَمَا وَقَعَ فِي آخِرِ الْكُرَّاسِ الثَّانِي مِنْ نِكَاحِ الْمِعْيَارِ فِي جَوَابِ لِأَبِي الْفَضْلِ رَاشِدٍ فِيمَنْ هَرَبَ بِصَبِيَّةٍ بِكْرٍ مُهْمَلَةٍ إلَى بَلَدِهِ فَتَزَوَّجَهَا نِكَاحًا صَحِيحًا بِزَعْمِهِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا إنَّهَا لَمْ تَشْهَدْ بِالرِّضَا طَائِعَةً، وَإِنَّمَا أَظْهَرَتْ الرِّضَا تَقِيَّةً وَصُوِّبَ فَسْخُ النِّكَاحِ لَعَلَّهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ رِضَاهَا لِسَبْقِيَّةِ الْغَصْبِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ زَوَالُ الْإِكْرَاهِ وَعُلِمَ مِنْهَا الرِّضَا طَائِعَةً أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ فَيُحْمَلُ أَنْ تَكُونَ فَتْوَاهُ هَذِهِ جَرْيًا عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُقَابِلِ لِمَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَرَيَانُ الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ خَاصًّا بِالْهَارِبِ بِالْمُتَزَوِّجَةِ فَانْظُرْ ذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُ السَّلْجِمَاسِيِّ شَارِحِ الْعَمَلِيَّاتِ الْفَاسِيَّةِ.

[الْعَزْلِ عَنْ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ خَوْفًا مِنْ حَمْلِهَا]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْعَزْلِ عَنْ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ خَوْفًا مِنْ حَمْلِهَا هَلْ يَجُوزُ، أَوْ لَا.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الْعَزْلُ عَنْ زَوْجَتِهِ إنْ رَضِيَتْ بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً، أَوْ رَقِيقَةً وَيُشْتَرَطُ رِضَا مَالِكِ الرَّقِيقَةِ أَيْضًا إنْ كَانَتْ تَحْمِلُ وَإِلَّا اسْتَقَلَّتْ بِالرِّضَا وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الْعَزْلُ عَنْ أَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلِزَوْجِهَا الْعَزْلُ إنْ أَذِنَتْ وَسَيِّدِهَا.

قَالَ الْحَطَّابُ تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ، وَأَمَّا الْعَزْلُ عَنْ السَّرَارِيِّ فَجَائِزٌ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وَالْبِسَاطِيُّ وَالْجُزُولِيُّ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ كَالْحُرَّةِ إنْ أَذِنَتْ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيُّ إنْ امْتَنَعَ حَمْلُهَا لِصِغَرٍ، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ حَمْلٍ بِهَا اسْتَقَلَّتْ وَاسْتُحْسِنَ اسْتِقْلَالُهَا لِتَمَامِ طُهْرِهَا إنْ أَصَابَهَا مَرَّةً، وَأَنْزَلَ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَأَمَّا الْمَمْلُوكَةُ فَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ عَنْهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضٍ كَرَاهَتُهُ وَرَآهُ مِنْ الْمَوْءُودَةِ.

[أَخْذ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا عِوَضًا فِي إذْنِهَا لَهُ فِي الْعَزْلِ عَنْهَا]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي أَخْذِ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا عِوَضًا فِي إذْنِهَا لَهُ فِي الْعَزْلِ عَنْهَا هَلْ يَجُوزُ وَهَلْ لَهَا الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ وَهَلْ إذَا رَجَعَتْ يُرَدُّ جَمِيعُ الْعِوَضِ، أَوْ بِحَسَبِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْ زَوْجِهَا فِي نَظِيرِ إذْنِهَا لَهُ فِي الْعَزْلِ عَنْهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَلَهَا الرُّجُوعُ عَنْهُ مَتَى شَاءَتْ، وَإِنْ رَجَعَتْ، فَقِيلَ: تَرُدُّ جَمِيعَ الْعِوَضِ.

وَقِيلَ: تَرُدُّ بِحَسَبِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ.

قَالَ الْحَطَّابُ فَرْعٌ مِنْهُ أَيْ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا ابْنُ عَاتٍ عَنْ الْمُشَاوِرِ لِلْحُرَّةِ أَخْذِ عِوَضٍ عَنْهُ لِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ وَلَهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ بِرَدِّ مَا أَخَذَتْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَشَارَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ إلَى أَنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ كَحَقِّهَا فِي الْقِسْمَةِ فَقَالَ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ زَوْجِهَا مَالًا عَلَى أَنْ يَعْزِلَ عَنْهَا إلَى أَجَلٍ مَعْرُوفٍ وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي ذَلِكَ مَتَى أَحَبَّتْ وَتَرُدُّ جَمِيعَ مَا أَخَذَتْ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>