إنَّمَا يَكُونُ لَيْلَةَ الْبِنَاءِ فَلَا إذَا هُوَ نَاسِخٌ لَهَا عَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهَا بِأَنَّ ذَلِكَ عَقْدٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ مَدَارُ النِّكَاحِ عَلَى الشُّهْرَةِ وَقَوْلُهُ إشَاعَةُ النِّكَاحِ وَشُهْرَتُهُ تَكْفِي عَنْ الْإِشْهَادِ فَمَوْضُوعُهُ حُصُولُ الْعَقْدِ بِصِيغَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ بِلَا إشْهَادٍ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ الْعَلَّامَةُ التَّاوَدِيُّ: قَالَ الشَّارِحُ شَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي شَرْطِ الْإِشْهَادِ حَتَّى كَأَنَّهُ عِنْدَهُمْ رُكْنٌ وَخُلُوُّ بَعْضِ الْأَنْكِحَةِ عَنْهُ مَعَ وُجُودِ الشُّهْرَةِ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَفِي كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّ الْقَصْدَ فِي النِّكَاحِ إنَّمَا هُوَ الشُّهْرَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَمْ تَكُنْ أَنْكِحَةُ السَّلَفِ بِإِشْهَادٍ وَفِي جَوَابِ ابْنِ لُبٍّ مَا نَصُّهُ ذَكَرَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالنِّكَاحِ وَشُهْرَتِهِ مَعَ عِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ تُكْفَى، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إشْهَادٌ وَهَكَذَا كَانَتْ أَنْكِحَةُ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي تَزْوِيجِ عَمٍّ بِكْرَيْنِ بَالِغَتَيْنِ مَاتَ أَبُوهُمَا مُوصِيًا عَلَيْهِمَا غَيْرَهُ بِإِذْنِ قَاضٍ لِزَعْمِهِ خَوْفَ فَسَادِهِمَا بِدُونِ إذْنِهِمَا فِي غَيْرِ بَلَدِهِمَا ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُمَا بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ فَأَجَازَتَا عَقْدَهُ عَلَى زَعْمِهِ ثُمَّ زَوَّجَ الْوَصِيُّ الْكَبِيرَةَ بِإِذْنِهَا ثُمَّ تَرَافَعَا لِقَاضٍ مَالِكِيٍّ فَحَكَمَ بِصِحَّةِ عَقْدِ الْعَمِّ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ عَقْدُ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ فَاسِدٌ مِنْ جِهَاتِ إقْرَارِهِ بِالتَّعَدِّي حَالَ الْعَقْدِ وَوُقُوعُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِهِمَا وَتَأَخُّرُ إجَازَتِهِمَا نِصْفَ شَهْرٍ وَحُكْمُ الْمَالِكِيِّ بِصِحَّتِهِ بَاطِلٌ لَمْ يَرْفَعْ الْخِلَافَ وَعَقْدُ الْوَكِيلِ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَعْقُودٍ عَلَيْهَا عَقْدًا فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ فَوَجَبَ فَسْخُ الْعَقْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالِاسْتِبْرَاءُ ثُمَّ يُعْقَدُ لَهُمَا عَلَى مَنْ تَشَاءَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[تَزَوَّجَ صَغِيرَةً وَأَزَالَ بَكَارَتَهَا بِأُصْبُعِهِ وَأَرَادَ وَطْأَهَا فَامْتَنَعَتْ وَهَرَبَتْ مِنْهُ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً وَأَزَالَ بَكَارَتَهَا بِأُصْبُعِهِ وَأَرَادَ وَطْأَهَا فَامْتَنَعَتْ وَهَرَبَتْ مِنْهُ فَطَلَبَهَا مِنْ وَلِيِّهَا فَطَلَبَ مِنْهُ إمْهَالَهَا لِإِطَاقَتِهَا فَامْتَنَعَ مِنْهُ فَهَلْ يَلْزَمُ إمْهَالُهَا لِذَلِكَ، وَإِنْ طَلَّقَهَا فَمَاذَا يَلْزَمُهُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ غَيْرَ مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ لَزِمَ زَوْجَهَا إمْهَالُهَا لِإِطَاقَتِهَا، وَإِنْ امْتَنَعَ وَطَلَّقَهَا لَزِمَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهَا وَأَرْشُ بَكَارَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُطِيقَةً لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إمْهَالُهَا إلَّا إنْ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهِ إمْهَالَهَا سَنَةً فَأَقَلَّ لِصِغَرٍ، أَوْ تَغْرِبَةٍ، وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَزِمَهُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ عَنْهُ الْأَبُ فِي نَظِيرِ الطَّلَاقِ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَتُمْهَلُ سَنَةً إنْ اُشْتُرِطَتْ لِتَغْرِبَةٍ، أَوْ صِغَرٍ وَإِلَّا بَطَلَ.
قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ أَهْلَ الزَّوْجَةِ إنْ شَرَطُوا عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَوْجَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ لِأَجْلِ صِغَرِهَا، أَوْ لِإِرَادَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute