يُطَلِّقُوا طَلَّقَ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَرْضَى النِّسَاءُ بِعَدَمِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ الْكَتْبِ إلَيْهِ، ثُمَّ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقُدُومِ تَلَوَّمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَبْرَأَتْهُ زَوْجَتُهُ فَطَلَّقَهَا فِي نَظِيرِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَاجَعَهَا لَهُ شَخْصٌ جَهْلًا، وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا فَهَلْ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، سُئِلْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَابِقًا، وَقَدْ كَانَ السُّؤَالُ مُشْتَمِلًا عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَرْأَةَ حَافِظَةٌ لِمَالِهَا دُونَ دِينِهَا فَأَجَبْت: نَعَمْ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ الثَّانِي عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُمَا بِمُجَرَّدِ الرَّجْعَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ إلَى آخِرِ الْجَوَابِ الْمُتَقَدِّمِ وَزِدْت عَلَيْهِ قَالَ: الْخَطِيبُ فِي الْإِقْنَاعِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مَحْجُورَةٌ بِسَفَهٍ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا، وَلَغَا ذِكْرُ الْمَالِ اهـ وَمِنْ السَّفَهِ عِنْدَهُمْ تَضْيِيعُ الدِّينِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
[قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك طَلَّقْتُك فَأَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً فَلَمْ يُطَلِّقْهَا]
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ اللَّهِ الشَّرْقَاوِيُّ فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ: وَلَوْ قَالَ: إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك طَلَّقْتُك فَأَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً فَلَمْ يُطَلِّقْهَا صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَأَنْ لَا؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ مِثْلُ أُطَلِّقُك فَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَعَ رَجْعِيًّا نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ: طَلَّقْتُك أَنَّهَا طَالِقٌ عِنْدَ حُصُولِ الْإِبْرَاءِ، وَقَعَ بِهِ، وَيَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ عِنْدَ الْخِصَامِ أَبْرِئِينِي، وَأَنَا أُطَلِّقُك أَوْ تَقُولُ هِيَ ابْتِدَاءً أَبْرَأْتُك أَوْ أَبْرَأَك اللَّهُ قَالَ: الشبراملسي، وَاَلَّذِي يَتَبَادَرُ فِيهِ - وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا، وَأَنَّهُ يَدِينُ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَرَدْت إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك، وَيَقَعُ كَثِيرًا أَيْضًا أَنْ تَحْصُلَ مُشَاجَرَةٌ بَيْنَهُمَا فَتَقُولُ: أَبْرَأْتُك فَيَقُولُ: إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ كَانَتْ مُكَلَّفَةً رَشِيدَةً عَالِمَةً هِيَ، وَزَوْجُهَا بِالْقَدْرِ الْمُبَرَّإِ مِنْهُ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُجَرَّدِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ، وَقَدْ وُجِدَتْ لَا بَائِنًا بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ لِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ أَوْ سَفِيهَةً أَوْ جَاهِلَةً بِذَلِكَ لَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ شَيْءٌ لَوْ قَالَتْ أَبْرَأَك اللَّهُ مِنْ الْحَقِّ أَوْ الْمُسْتَحَقِّ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ بِأَنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مَا لَمْ يَظُنَّ عَدَمَ وُقُوعِهِ، وَإِلَّا فَلَا وُقُوعَ أَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَقَعَ بَائِنًا إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهَا السَّابِقَةُ، وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَيُصَدَّقُ فِي قَصْدِهِ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ اهـ ثُمَّ قَالَ: وَضَابِطُ الْبَابِ أَنَّهُ مَتَى صَحَّتْ الصِّيغَةُ، وَالْعِوَضُ بَانَتْ بِالْمُسَمَّى أَوْ فَسَدَ الْعِوَضُ فَقَطْ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ الصِّيغَةُ فَقَطْ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا إنْ تَجَزَّأَ، وَعُلِّقَ بِمَا وُجِدَ كَالْإِبْرَاءِ مَعَ وُجُودِ شُرُوطِهِ فَإِنْ عُلِّقَ بِمَا لَمْ يُوجَدْ كَالْإِبْرَاءِ عِنْدَ فَقْدِ شُرُوطِهِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الضَّابِطَ الْمَذْكُورَ: فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِإِبْرَائِهَا إيَّاهُ مِنْ صَدَاقِهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ إلَّا إنْ وُجِدَتْ بَرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ جَمِيعِهِ فَيَقَعُ بَائِنًا بِأَنْ تَكُونَ رَشِيدَةً، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ زَكَاةٌ خِلَافًا لِمَا أَطَالَ بِهِ الرِّيمِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْلِيقِهَا، وَعَدَمِهِ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى رُؤْيَةِ جَارِيَةِ أُمِّ زَوْجَتِهِ فِي بَيْتِهِ حَيْثُ مَنَّتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ بِخِدْمَةِ الْجَارِيَةِ فِي بَيْتِهِ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهَلْ إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدَتِهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا أَوْ ظَهَرَ أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَاسْتَخْدَمَهَا بِأُجْرَةٍ أَوْ بِدُونِهَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute