للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ.

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الرَّابِعَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ الْوَعْدِ اهْدِمْ دَارَك وَأَنَا أُسْلِفُك مَا تَبْنِي بِهِ أَوْ اُخْرُجْ إلَى الْحَجِّ وَأَنَا أُسْلِفُك أَوْ اشْتَرِ سِلْعَةً أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَنَا أُسْلِفُك؛ لِأَنَّك أَدْخَلْته بِوَعْدِك فِي ذَلِكَ، أَمَّا مُجَرَّدُ الْوَعْدِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ بَلْ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ اهـ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ لَمَّا ذَكَرَ حُجَّةً مُقَابِلَ الْمَشْهُورِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ مَا نَصُّهُ: لَوْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ هَذَا الشِّقْصَ وَالثَّمَنُ عَلَيَّ فَاشْتَرَاهُ لَزِمَ أَنْ يَغْرَمَ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي الشِّرَاءِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ اهـ.

وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُقْضَى بِهَا إذَا كَانَتْ عَلَى سَبَبٍ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِسَبَبِهَا فِي شَيْءٍ هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي كِتَابِ الْعِدَةِ وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوِيٌّ أَيْضًا وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ بِهَا مُطْلَقًا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَالْقَوْلُ بِالْقَضَاءِ بِهَا مُطْلَقًا لَمْ يَعُزْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ ضَعِيفَانِ جِدًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[قَالَ لَهُ إنَّ غُرَمَائِي يُلْزِمُونَنِي بِدَيْنٍ فَأَسْلِفْنِي أَقْضِهِمْ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ بَدَا لَهُ]

(فَرْعٌ) إذَا قَالَ لَهُ إنَّ غُرَمَائِي يُلْزِمُونَنِي بِدَيْنٍ فَأَسْلِفْنِي أَقْضِهِمْ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَالَ أَصْبَغُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعِدَةِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى قَوْلِهِ بِلُزُومِ الْعِدَةِ إذَا كَانَتْ عَلَى سَبَبٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِسَبَبِهَا فِي شَيْءٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا اعْتَقَدَ الْغُرَمَاءُ مِنْهُ عَلَى مَوْعِدٍ أَوْ أَشْهَدَ بِإِيجَابِ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالْعِدَةِ إلَّا إذَا دَخَلَ بِسَبَبِهَا فِي شَيْءٍ وَلَوْ قَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي فَاعِلٌ أَوْ أَفْعَلُ فَظَاهِرُ كَلَامِ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَنَّ الظَّاهِرَ اللُّزُومُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ قَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ فَعَلْت لَمَا وَقَفَ فِي إيجَابِهِ عَلَيْهِ وَلُزُومِ الْقَضَاءِ بِهِ اهـ.

[حَلَفَ لَيُوَفِّيَنَّ غَرِيمَهُ إلَى أَجَلٍ وَخَشِيَ الْحِنْثَ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيُوَفِّيَنَّ غَرِيمَهُ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا خَشِيَ الْحِنْثَ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَقَالَ لَا تَخَفْ ائْتِنِي هَذِهِ الْعَشِيَّةَ أُعْطِيكَهَا فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ جَاءَهُ فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ فَقَالَ لَهُ أَغْرَرْتَنِي حَتَّى خِفْت أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ، أَتَرَاهُ لَهُ لَازِمًا فَقَالَ لَهُ لَا وَاَللَّهِ مَا أَرَى ذَلِكَ لَازِمًا لَهُ وَمَا هُوَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَلَا مَحَاسِنِهَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ قِيلَ إنَّهُ يَلْزَمُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَمَنَعَهُ أَنْ يَحْتَالَ لِنَفْسِهِ بِمَا يَبَرُّ بِهِ مِنْ السَّلَفِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.

قُلْت فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَنْ أَنَّ الْعِدَةَ لَا يُقْضَى بِهَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى سَبَبٍ وَدَخَلَ فِي السَّبَبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْعَارِيَّةِ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا إذَا كَانَتْ عَلَى سَبَبٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَدْخَلَهُ بِسَبَبِ الْعِدَةِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَالِ لِنَفْسِهِ حَتَّى خَشِيَ الْحِنْثَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>