للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ ثُمَّ نَظَرَ إلَى الْأَزِقَّةِ فَإِذَا فِيهَا أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ تَحْتَهَا أَنْهَارٌ مُطَّرِدَةٌ يَجْرِي مَاؤُهَا فِي قَنَوَاتٍ مِنْ فِضَّةٍ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا عَايَنَ الرَّجُلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ أَحَدًا هُنَالِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ هَذِهِ الْجَنَّةُ وَحَمَلَ مَعَهُ مِنْ لُؤْلُئِهَا وَبَنَادِقِ مِسْكِهَا وَزَعْفَرَانِهَا وَرَجَعَ إلَى الْيَمَنِ وَأَظْهَرَ مَا مَعَهُ وَحَدَّثَ بِمَا رَأَى فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَصَّ عَلَيْهِ مَا رَأَى فَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ إلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ يَا أَبَا إِسْحَاقَ هَلْ فِي الدُّنْيَا مَدِينَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ قَالَ نَعَمْ هِيَ إرَمُ ذَاتِ الْعِمَادِ بَنَاهَا شَدَّادُ بْنُ عَادٍ قَالَ فَحَدَّثَنِي حَدِيثَهَا فَقَالَ لَمَّا أَرَادَ شَدَّادُ بْنُ عَادٍ عَمَلهَا أَمَّرَ عَلَيْهَا مِائَةَ قَهْرَمَانَ مَعَ كُلِّ قَهْرَمَانَ أَلْفٌ مِنْ الْأَعْوَانِ وَكَتَبَ إلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ أَنْ يَمُدُّوهُمْ بِمَا فِي بِلَادِهِمْ مِنْ الْجَوَاهِرِ فَخَرَجَتْ الْقَهَارِمَةُ يَسِيرُونَ فِي الْأَرْضِ لِيَجِدُوا أَرْضًا مُوَافِقَةً فَخَرَجُوا عَلَى صَخْرَةٍ نَقِيَّةٍ مِنْ التِّلَالِ وَإِذَا فِيهَا عُيُونُ مَاءٍ وَمَوْجٍ فَقَالُوا هَذِهِ الْأَرْضُ الَّتِي أَمَرَ الْمَلِكُ أَنْ تُبْنَى فِيهَا فَوَضَعُوا أَسَاسَهَا مِنْ الْجَزْعِ الْيَمَانِيِّ وَأَقَامُوا فِي بِنَائِهَا ثَلَثَمِائَةِ سَنَةٍ فَلَمَّا أَتَوْهُ وَقَدْ فَرَغُوا مِنْهَا قَالَ انْطَلِقُوا فَاجْعَلُوا حِصْنًا يَعْنِي سُورًا وَاجْعَلُوا حَوْلَهُ أَلْفَ قَصْرٍ وَعِنْدَ كُلِّ قَصْرٍ عَلَمٌ لِيَكُونَ فِي كُلِّ قَصْرٍ وَزِيرٌ مِنْ وُزَرَائِي فَفَعَلُوا وَأَمَرَ الْمَلِكُ وُزَرَاءَهُ وَهُمْ أَلْفُ وَزِيرٍ أَنْ يَتَهَيَّئُوا لِلنَّقْلَةِ إلَى إرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ وَكَانَ الْمَلِكُ وَأَهْلُهُ فِي جِهَادِهِمْ عَشَرَ سِنِينَ ثُمَّ سَارُوا إلَيْهَا فَلَمَّا كَانُوا مِنْهَا عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ صَيْحَةً مِنْ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَتْهُمْ جَمِيعًا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ كَعْبٌ وَسَيَدْخُلُهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي زَمَانِك أَحْمَرُ أَشْعَرُ قَصِيرٌ عَلَى حَاجِبِهِ خَالٌّ وَعَلَى عُنُقِهِ خَالٌّ يَخْرُجُ فِي طَلَبِ إبِلٍ لَهُ ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَبْصَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قِلَابَةَ فَقَالَ هَذَا وَاَللَّهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ انْتَهَى، وَذَكَرَ الْخَطِيبُ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً وَزَادَ وَكَانَ عُمُرُهُ أَيْ شَدَّادٍ تِسْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَجُوزُ التَّحَدُّثُ بِحَدِيثِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ أَمَّا فِيهَا فَيُكْرَهُ وَبِغَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ يَحْرُمُ لِلْكَذِبِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاحِ وَالْإِصْلَاحِ]

(مَا الْفَرْقُ) بَيْنَ الصَّلَاحِ وَالْإِصْلَاحِ؟

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ الصَّلَاحُ ضِدُّ الْفَسَادِ وَالْأَصْلَحُ اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنْهُ مَعْنَاهُ الزَّائِدُ فِي الصَّلَاحِ مَثَلًا إذَا كَانَ شَخْصٌ يَتَضَرَّرُ مِنْ تَرْكِ أَكْلِ اللَّحْمِ فَأَكْلُ لَحْمِ الْبَقَرِ صَلَاحٌ فِي حَقِّهِ وَلَحْمُ الضَّأْنِ أَصْلَحُ وَالْعَفْوُ بِلَا تَنْعِيمٍ صَلَاحٌ وَمَعَهُ أَصْلَحُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيَّ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالْقُدْرَةِ]

(مَا الْفَرْقُ) بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالْقُدْرَةِ؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الْعِلْمُ صِفَةٌ يَتَّضِحُ بِهَا الْأَمْرُ وَيَظْهَرُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَالْإِرَادَةُ صِفَةٌ تُخَصِّصُ الْمُمْكِنَ بِبَعْضِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَالْقُدْرَةُ صِفَةٌ يَتَأَتَّى بِهَا إيجَادُ كُلِّ مُمْكِنٍ وَإِعْدَامُهُ عَلَى وَفْقِ الْإِرَادَةِ وَاَللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>