مِنْ غَيْرِ اعْتِرَافِ الْعَامِلِ وَلَا رِضَاهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ لِآخَرَ مِثْلِيًّا لِيَبِيعَهُ لَهُ وَلَهُ مِنْ الرِّبْحِ الثُّلُثُ وَاسْتَوْفَى الْمَدْفُوعُ لَهُ الْمِثْلِيَّ بِكَيْلِهِ وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَلَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ قَبْضَ ذَلِكَ الثَّمَنِ مُنَاجَزَةً ثُمَّ غَابَ الْمُبْتَاعُ، وَلَمْ يَعْلَمْ لَهُ الْبَائِعُ مَوْضِعًا وَبَعْدَ مُدَّةٍ قَدِمَ مُعْسِرًا وَأَرَادَ رَبُّ الْمِثْلِيِّ تَغْرِيمَ صَاحِبِهِ الْبَائِعِ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يُمَكَّنُ رَبُّ الْمِثْلِيِّ مِنْ تَغْرِيمِ الْبَائِعِ حَيْثُ كَانَ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ بِإِذْنِهِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ حِينَئِذٍ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَلَا يَبِيعُ أَيْ عَامِلُ الْقِرَاضِ مِنْ سِلْعَةٍ بِدَيْنٍ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ وَيَنُصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ اهـ.
وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ وَاَلَّذِي فِي السُّؤَالِ فَاسِدٌ لِكَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ عَرْضًا وَالشَّرْطُ كَوْنُهُ نَقْدًا مَضْرُوبًا إلَّا أَنَّ السُّؤَالَ إنَّمَا هُوَ عَنْ الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[رَجُل أَخَذَ مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ قِرَاضًا وَاتَّجَرَ فِيهَا فَخَسِرَتْ]
(وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى) عَنْ رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ قِرَاضًا وَاتَّجَرَ فِيهَا فَخَسِرَتْ فَتَنَازَعَا لَدَى فَقِيهٍ مَالِكِيٍّ فَأَفْتَى بِأَنَّ الْخَسَارَةَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَ لِلْعَامِلِ دَرَاهِمَ يَتَّجِرُ فِيهَا لِيَجْبُرَ رَبُّهَا الْخَسَارَةَ فَأَبَى فَكَتَبَ بَيْنَهُمَا وَثِيقَةً بِبَرَاءَةِ الْعَامِلِ مِنْ الْخَسَارَةِ ثُمَّ ذَهَبَ رَبُّ الْمَالِ لِفَقِيهٍ آخَرَ وَشَيْخِ الْبَلَدِ وَتَوَجَّهَا مَعَهُ إلَى الْفَقِيهِ الْأَوَّلِ وَأَحْضَرُوا الْعَامِلَ وَجَعَلُوا عَلَيْهِ جُزْءًا مِنْ الْخَسَارَةِ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ وَكَتَبُوا بِهِ وَثِيقَةً لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ فَمَاطَلَهُ سَنَتَيْنِ وَكُلَّمَا يَسْأَلُهُ يَقُولُ لَهُ أَعْطِنِي مَالًا أَتَّجِرْ فِيهِ حَتَّى أَجْبُرَ لَك الْخُسْرَ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ شَيْءٌ وَلَا عِبْرَةَ بِالْوَثِيقَةِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ الْتَزَمَ الْعَامِلُ جُزْءًا مِنْ الْخُسْرِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ مَنْ الْتَزَمَ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَنْ رَجُلٍ أَعْطَى قَدْرًا مِنْ الْغِلَالِ لِآخَرَ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مِصْرَ وَيَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ سِلَعًا لِيَتَّجِرَ فِيهَا وَالرِّبْحُ بَعْدَ ثَمَنِ الْغِلَالِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَبَاعَ الْغِلَالَ بِمِصْرَ وَدَفَعَ ثَمَنَهَا لِزَوْجَتِهِ لِتَحْفَظَهُ وَعَادَتُهَا ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ ضَاعَ مِنْهَا جَانِبٌ مِنْهُ وَاشْتَرَى بِالْبَاقِي سِلَعًا فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَيُجْبَرُ رَبُّ الْغِلَالِ عَلَى إبْقَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ تَحْتَ يَدِ ذَلِكَ الرَّجُلِ حَتَّى يَجْبُرَ مَا ضَاعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ هَذَا الْعَقْدُ قِرَاضٌ فَاسِدٌ وَلِلْعَامِلِ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي بَيْعِ الْغِلَالِ وَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قِرَاضُ مِثْلِهِ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْمَالُ الَّذِي ضَاعَ ضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَلَا زَوْجَتَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ أَمِينٌ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ وَمَتَى صَارَ الْمَالُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الْمُفَاصَلَةَ وَلَا يُجْبَرُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى إبْقَائِهِ وَلَا الْعَامِلُ عَلَى جَبْرِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا زِبْلَ حَمَامٍ وَزَرَعَ بِهِ بِطِّيخًا وَعَالَجَهُ بِيَدِهِ وَجَعَلَ لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثَ مَعَهُ فِي الرِّبْحِ فَلَمَّا أَثْمَرَ الْبِطِّيخُ طَلَبَ رَبُّ الْمَالِ الْمُقَاسَمَةَ فَمَنَعَهُ الْعَامِلُ وَقَالَ الزَّرْعُ زَرْعِي وَلَيْسَ لَك عِنْدِي إلَّا دَرَاهِمُك فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ كَانَ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ بَيْنَهُمَا وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَدْفَعَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ